الفصل الأول: جمع القرآن الكريم

129 - (خ) عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ قَالَ: بَعَثَ إِلَيَّ أَبُو بَكْرٍ مَقْتَلَ أَهْلِ الْيَمامَةِ وَعِنْدَهُ عُمَرُ، فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: إِنَّ عُمَرَ أَتَانِي فَقَالَ: إِنَّ الْقَتْلَ قَدِ اسْتَحَرَّ يَوْمَ الْيَمَامَةِ بِقُرَّاءِ الْقُرْآنِ، وَإِنِّي أَخْشى أَنْ يَسْتَحِرَّ الْقَتْلُ بِقُرَّاءِ الْقُرْآنِ فِي المَوَاطِنِ كُلِّهَا، فَيَذْهَبَ قُرْآنٌ كَثِيرٌ، وَإِنِّي أَرَى أَنْ تَأْمُرَ بِجَمْعِ الْقُرْآنِ، قُلْتُ: كَيْفَ أَفْعَلُ شَيْئاً لَمْ يَفْعَلْهُ رَسُولُ اللهِ صلّى الله عليه وسلّم؟ فَقَالَ عُمَرُ: هُوَ وَاللهِ خَيْرٌ، فَلَمْ يَزَلْ عُمَرُ يُرَاجِعُنِي في ذلِكَ حَتَّى شَرَحَ اللهُ صَدْرِي لِلَّذِي شَرَحَ لَهُ صَدْرَ عُمَرَ، وَرَأَيْتُ في ذلِكَ الَّذِي رَأَى عُمَرُ.
قال زَيْدٌ: قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَإِنَّكَ رَجُلٌ شَابٌّ عَاقِلٌ لاَ نَتَّهِمُكَ، قَدْ كُنْتَ تَكْتُبُ الْوَحْيَ لِرَسُولِ اللهِ صلّى الله عليه وسلّم، فَتَتَبَّعِ الْقُرْآنَ، فَاجْمَعْهُ.
قَالَ زَيْدٌ: فَوَاللهِ! لَوْ كَلَّفَنِي نَقْلَ جَبَلٍ مِنَ الْجِبَالِ مَا كانَ بِأَثْقَلَ عَلَيَّ مِمَّا كَلَّفَنِي مِنْ جَمْعِ الْقُرْآنِ. قُلْتُ: كَيْفَ تَفْعَلاَنِ شَيْئاً لَمْ يَفْعَلْهُ رَسُولُ اللهِ صلّى الله عليه وسلّم؟ قَالَ أَبُو بكْرٍ: هُوَ وَاللهِ خَيْرٌ، فَلَمْ يَزَلْ يحُثُّ مُرَاجَعَتِي حَتَّى شَرَحَ اللهُ صَدْرِي لِلَّذِي شَرَحَ اللهُ لَهُ صَدْرَ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ، وَرَأَيْتُ في ذلِكَ الَّذِي رَأَيَا.
فَتَتَبَّعْتُ الْقُرْآنَ أَجْمَعُهُ مِنَ الْعُسُبِ
وَالرِّقاعِ وَاللِّخَافِ وَصُدُورِ الرِّجالِ، فَوَجَدْتُ آخِرَ سُورَةِ التَّوْبَةِ: {لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ} [التوبة:128] إِلَى آخِرِهَا مَعَ خُزَيْمَةَ ـ أَوْ أَبِي خُزَيْمَةَ ـ فَأَلْحَقْتُهَا في سُورَتِهَا، فَكَانَتِ الصُّحُفُ عِنْدَ أَبِي بَكْرٍ حَيَاتَهُ حَتَّى تَوَفَّاهُ اللهُ عزّ وجل، ثُمَّ عِنْدَ عُمَرَ حَيَاتَهُ حَتَّى تَوَفَّاهُ اللهُ، ثُمَّ عِنْدَ حَفْصَةَ بِنْتِ عُمَرَ.

[خ7191، (2807)]