الكِتَابُ الثّاني: جمع القرآن وفضائله

129 - (خ) عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ قَالَ: بَعَثَ إِلَيَّ أَبُو بَكْرٍ مَقْتَلَ أَهْلِ الْيَمامَةِ وَعِنْدَهُ عُمَرُ، فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: إِنَّ عُمَرَ أَتَانِي فَقَالَ: إِنَّ الْقَتْلَ قَدِ اسْتَحَرَّ يَوْمَ الْيَمَامَةِ بِقُرَّاءِ الْقُرْآنِ، وَإِنِّي أَخْشى أَنْ يَسْتَحِرَّ الْقَتْلُ بِقُرَّاءِ الْقُرْآنِ فِي المَوَاطِنِ كُلِّهَا، فَيَذْهَبَ قُرْآنٌ كَثِيرٌ، وَإِنِّي أَرَى أَنْ تَأْمُرَ بِجَمْعِ الْقُرْآنِ، قُلْتُ: كَيْفَ أَفْعَلُ شَيْئاً لَمْ يَفْعَلْهُ رَسُولُ اللهِ صلّى الله عليه وسلّم؟ فَقَالَ عُمَرُ: هُوَ وَاللهِ خَيْرٌ، فَلَمْ يَزَلْ عُمَرُ يُرَاجِعُنِي في ذلِكَ حَتَّى شَرَحَ اللهُ صَدْرِي لِلَّذِي شَرَحَ لَهُ صَدْرَ عُمَرَ، وَرَأَيْتُ في ذلِكَ الَّذِي رَأَى عُمَرُ.
قال زَيْدٌ: قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَإِنَّكَ رَجُلٌ شَابٌّ عَاقِلٌ لاَ نَتَّهِمُكَ، قَدْ كُنْتَ تَكْتُبُ الْوَحْيَ لِرَسُولِ اللهِ صلّى الله عليه وسلّم، فَتَتَبَّعِ الْقُرْآنَ، فَاجْمَعْهُ.
قَالَ زَيْدٌ: فَوَاللهِ! لَوْ كَلَّفَنِي نَقْلَ جَبَلٍ مِنَ الْجِبَالِ مَا كانَ بِأَثْقَلَ عَلَيَّ مِمَّا كَلَّفَنِي مِنْ جَمْعِ الْقُرْآنِ. قُلْتُ: كَيْفَ تَفْعَلاَنِ شَيْئاً لَمْ يَفْعَلْهُ رَسُولُ اللهِ صلّى الله عليه وسلّم؟ قَالَ أَبُو بكْرٍ: هُوَ وَاللهِ خَيْرٌ، فَلَمْ يَزَلْ يحُثُّ مُرَاجَعَتِي حَتَّى شَرَحَ اللهُ صَدْرِي لِلَّذِي شَرَحَ اللهُ لَهُ صَدْرَ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ، وَرَأَيْتُ في ذلِكَ الَّذِي رَأَيَا.
فَتَتَبَّعْتُ الْقُرْآنَ أَجْمَعُهُ مِنَ الْعُسُبِ
[1] وَالرِّقاعِ وَاللِّخَافِ [2] وَصُدُورِ الرِّجالِ، فَوَجَدْتُ آخِرَ سُورَةِ التَّوْبَةِ: {لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ} [التوبة:128] إِلَى آخِرِهَا مَعَ خُزَيْمَةَ ـ أَوْ أَبِي خُزَيْمَةَ ـ فَأَلْحَقْتُهَا في سُورَتِهَا، فَكَانَتِ الصُّحُفُ عِنْدَ أَبِي بَكْرٍ حَيَاتَهُ حَتَّى تَوَفَّاهُ اللهُ عزّ وجل، ثُمَّ عِنْدَ عُمَرَ حَيَاتَهُ حَتَّى تَوَفَّاهُ اللهُ، ثُمَّ عِنْدَ حَفْصَةَ بِنْتِ عُمَرَ.

[خ7191، (2807)]

132 - (خ) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: كانَ يَعْرِضُ [1] عَلَى النَّبِيِّ صلّى الله عليه وسلّم الْقُرْآنَ كُلَّ عامٍ مَرَّةً، فَعَرَضَ عَلَيْهِ مَرَّتَيْنِ في الْعَامِ الَّذِي قُبِضَ فِيهِ، وَكَانَ يَعْتَكِفُ كُلَّ عامٍ عَشْراً، فَاعْتكَف عِشْرِينَ في الْعَامِ الَّذِي قُبِضَ فِيهِ.

[خ4998 (2044)]

133 - عَنِ الْحَارِثِ الأَعْوَر، عَنْ عَلِيٍّ قَالَ: قِيلَ: يَا رَسُولَ اللهِ! إِنَّ أُمَّتَكَ سَتُفْتَتَنُ مِنْ بَعْدِكَ؟ قَالَ: فَسَأَلَ رَسُولَ اللهِ صلّى الله عليه وسلّم أَوْ سُئِلَ: مَا الْمَخْرَجُ مِنْهَا؟ قَالَ: (الْكِتَابُ الْعَزِيزُ، الَّذِي {لاَ يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلاَ مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ *} [فصلت]، مَنِ ابْتَغَى الْهُدَى فِي غَيْرِهِ أَضَلَّهُ اللهُ، وَمَنْ وَلِيَ هَذَا الْأَمْرَ مِنْ جَبَّارٍ فَحَكَمَ بِغَيْرِهِ قَصَمَهُ اللهُ، هُوَ الذِّكْرُ الْحَكِيمُ، وَالنُّورُ الْمُبِينُ، وَالصِّرَاطُ الْمُسْتَقِيمُ، فِيهِ خَبَرُ مَنْ قَبْلَكُمْ، وَنَبَأُ مَا بَعْدَكُمْ، وَحُكْمُ مَا بَيْنَكُمْ، وَهُوَ الْفَصْلُ لَيْسَ بِالْهَزْلِ، وَهُوَ الَّذِي سَمِعَتْهُ الْجِنُّ فَلَمْ تَتَنَاهَ أَنْ قَالُوا: {...إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآناً عَجَبًا * يَهْدِي إِلَى الرُّشْدِ} [الجن]، وَلاَ يَخْلَقُ عَنْ كَثْرَةِ الرَّدِّ، وَلاَ تَنْقَضِي عِبَرُهُ، وَلاَ تَفْنَى عَجَائِبُهُ).
ثُمَّ قَالَ عَلِيٌّ لِلْحَارِثِ: خُذْهَا إِلَيْكَ يَا أَعْوَرُ.

قال تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِالذِّكْرِ لَمَّا جَاءَهُمْ وَإِنَّهُ لَكِتَابٌ عَزِيزٌ *لاَ يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلاَ مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ *}. [فصلت:41، 42]
وقال تعالى: {لَوْ أَنْزَلْنَا هَذَا الْقُرْآنَ عَلَى جَبَلٍ لَرَأَيْتَهُ خَاشِعًا مُتَصَدِّعًا مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ}. [الحشر:21]

[مي3375]

* إسناده حسن.

135 - (ق) عَنْ أَبِي مُوسى الأَشْعَرِيِّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلّى الله عليه وسلّم: (مَثَلُ المُؤْمِن الَّذِي يَقْرَأُ الْقُرْآنَ كَمَثَلِ الأُتْرُجَّةِ [1] ، رِيحُهَا طَيِّبٌ، وَطَعْمُهَا طَيِّبٌ. وَمَثَلُ المُؤْمِنِ الَّذِي لاَ يَقْرَأُ الْقُرْآنَ كَمَثَلِ التَّمْرَةِ، لاَ رِيحَ لَهَا، وَطَعْمُهَا حُلْوٌ. وَمَثَلُ المُنَافِقِ الَّذِي يَقْرَأُ الْقُرْآنَ مَثَلُ الرَّيْحَانَةِ، رِيحُهَا طَيِّبٌ، وَطَعْمُهَا مُرٌّ. وَمَثَلُ المُنَافِقِ الَّذِي لاَ يَقْرَأُ الْقُرْآنَ كَمَثَلِ الْحَنْظَلَةِ، لَيْسَ لَهَا رِيحٌ، وَطَعْمُهَا مُرٌّ).

قال تعالى: {وَاتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنْ كِتَابِ رَبِّكَ لاَ مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِهِ وَلَنْ تَجِدَ مِنْ دُونِهِ مُلْتَحَدًا *}. [الكهف:27]

[خ5427 (5020)/ م797]