الكِتَابُ الأَوَّل: الأَنبياء

3542 - (ق) عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما: أَنَّ النَّبِيَّ صلّى الله عليه وسلّم لَمَّا مَرَّ بَالْحِجْرِ [1] قالَ: (لاَ تَدْخُلُوا مَسَاكِنَ الَّذِينَ ظَلَموا؛ إِلاَّ أَن تَكُونُوا بَاكِينَ، أَنْ يُصِيبَكُمْ ما أَصَابَهُمْ) . ثمَّ تَقَنَّعَ [2] بِرِدَائِهِ وَهْوَ عَلَى الرَّحْلِ.

[خ3380 (433)/ م2980]

3543 - (ق) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه: أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قالَ: (لَمْ يَكْذِبْ إِبْرَاهِيمُ عليه السلام إِلاَّ ثَلاَثَ كَذَبَاتٍ: ثِنْتَيْنِ مِنْهُنَّ في ذاتِ اللهِ عزّ وجل: قَوْلُهُ: {إِنِّي سَقِيمٌ} [الصافات:89] ، وَقَوْلُهُ: {بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هَذَا} [الأنبياء:63] . وَقَالَ: بَيْنَا هُوَ ذَاتَ يَوْمٍ وَسَارَةُ، إِذْ أَتَى عَلَى جَبَّارٍ مِنَ الجَبَابِرَةِ، فَقِيلَ لَهُ: إِنَّ هَاهنَا رَجُلاً مَعَهُ امْرَأَةٌ مِنْ أَحْسَنِ النَّاسِ، فَأَرْسَلَ إِلَيْهِ فَسَأَلَهُ عَنْهَا، فَقَالَ: مَنْ هذِهِ؟ قَالَ: أُخْتِي. فَأَتَى سَارَةَ فَقَالَ: يَا سَارَةُ لَيْسَ عَلَى وَجْهِ الأَرْضِ مُؤْمِنٌ غَيْرِي وَغَيْرُكِ، وَإِنَّ هَذَا سَأَلَنِي، فَأَخْبَرْتُهُ أَنَّكِ أُخْتِي، فَلاَ تُكَذِّبِينِي. فَأَرْسَلَ إِلَيْهَا، فَلَمَّا دَخَلَتْ عَلَيْهِ، ذَهَبَ يَتَنَاوَلُهَا بِيَدِهِ، فَأُخِذَ، فَقَالَ: ادْعِي اللهَ وَلاَ أَضُّرُّكِ، فَدَعَتِ اللهَ فَأُطْلِقَ. ثُمَّ تَنَاوَلَهَا الثَّانِيَةَ فَأُخِذَ مِثْلَهَا أَوْ أَشَدَّ، فَقَالَ: ادْعِي اللهَ لِي وَلاَ أَضُرُّكِ، فَدَعَتْ فَأُطْلِقَ. فَدَعا بَعْضَ حَجَبَتِهِ، فَقَالَ: إِنَّكُمْ لَمْ تَأْتُونِي بِإِنْسَانٍ، إِنَّمَا أَتَيْتُمُونِي بِشَيْطَانٍ، فَأَخْدَمَهَا هَاجَرَ. فَأَتَتْهُ وَهُوَ يُصَلِّي، فَأَوْمأَ بِيَدِهِ: مَهْيَا [1] ، قالَتْ: رَدَّ اللهُ كَيْدَ الْكَافِرِ ـ أَوِ الْفَاجِرِ ـ في نَحْرِهِ، وَأَخْدَمَ هَاجَرَ) .
قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: تِلْكَ أُمُّكُمْ، يَا بَنِي ماءِ السَّمَاءِ
[2]
.

[خ3358 (2217)/ م2371]

3545 - (خ) وَعَنْهُ رضي الله عنه، عَنِ النَّبِيِّ صلّى الله عليه وسلّم قالَ: (يَلْقَـى إِبْرَاهِيمُ أَبَاهُ آزَرَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَعَلَـى وَجِهِ آزَرَ قَتَرَةٌ وَغَبَرَةٌ [1] ، فَيَقُولُ لَهُ إِبْرَاهِيمُ: أَلَمْ أَقُلْ لَكَ لاَ تَعْصِنِي؟! فَيَقُولُ أَبُوهُ: فَاليَوْمَ لاَ أَعْصِيكَ، فَيَقُولُ إِبْرَاهِيمُ: يَا رَبِّ إِنَّكَ وَعَدْتَنِي أَنْ لاَ تُخْزِينِي يَوْمَ يُبْعَثُونَ، فَأَيُّ خِزْيٍ أَخْزَى مِنْ أَبِي الأَبْعَـدِ؟ [2] فَيَقُولُ اللهُ تَعَالَى: إِنِّي حَرَّمْتُ الجَنَّةَ عَلَى الْكَافِرِينَ. ثُمَّ يُقَالُ: يَا إِبْرَاهِيمُ ما تَحْتَ رِجْلَيْكَ؟ فَيَنْظُرُ، فَإِذَا هوَ بِذِيخٍ مُلْتَطِخٍ [3] ، فَيُؤْخَذُ بِقَوَائِمِهِ، فَيُلْقَى في النَّار) .

3546 - (خ) عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قال: لَمَّا كانَ بَيْنَ إِبْرَاهِيمَ وَبَيْنَ أَهْلِهِ ما كَانَ، خَرَجَ بِإِسْمَاعِيلَ وَأُمِّ إِسْمَاعِيلَ، وَمَعَهُمْ شَنَّةٌ [1] فِيهَا ماءٌ، فَجَعَلتْ أُمُّ إِسْماعِيلَ تَشْرَبُ مِنَ الشَّنَّةِ، فَيَدِرُّ لَبَنُهَا عَلَى صَبِيِّهَا، حَتَّى قَدِمَ مَكَّةَ فَوَضَعَهَا تَحْتَ دَوْحَةٍ، ثُمَّ رَجَعَ إِبْرَاهِيمُ إِلَى أَهْلِهِ، فَاتَّبَعَتْهُ أُمُّ إِسْمَاعِيلَ، حَتَّى لَمَّا بَلَغُوا كَدَاءً نَادَتْهُ مِنْ وَرَائِهِ: يَا إِبْرَاهِيمُ إِلَـى مَـنْ تَـتْـرُكُـنَـا؟ قـالَ: إِلَـى اللهِ، قـالَـتْ: رَضِـيـتُ بِـاللهِ.

3549 - (ق) عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ رضي الله عنه قَالَ: بَيْنَما رَسُولُ اللهِ صلّى الله عليه وسلّم جالِسٌ جاءَ يَهُودِيٌّ، فَقَالَ: يَا أَبَا الْقَاسِمِ، ضَرَبَ وَجْهِي رَجُلٌ مِنْ أَصْحَابِكَ، فَقَالَ: (مَنْ) ؟ قالَ: رَجُلٌ مِنَ الأَنْصَارِ، قالَ: (ادْعُوهُ) . فَقَالَ: (أَضَرَبْتَهُ) ؟ قالَ: سَمِعْتُهُ بِالسُّوقِ يَحْلِفُ: وَالَّذِي اصْطَفَى مُوسى عَلَى البَشَرِ، قُلْتُ: أَيْ خَبِيثُ! عَلَى مُحَمَّدٍ صلّى الله عليه وسلّم؟ فَأَخَذَتْنِي غَضْبَةٌ ضَرَبْتُ وَجْهَهُ، فَقَالَ النَّبِيُّ صلّى الله عليه وسلّم: (لاَ تُخَيِّرُوا بَيْنَ الأَنْبِيَاءِ، فَإِنَّ النَّاسَ يَصْعَقُونَ يَوْمَ القِيَامَةِ، فَأَكُونُ أَوَّلَ مَنْ تَنْشَقُّ عَنْهُ الأَرْضُ، فَإِذَا أَنَا بِمُوسَى آخِذٌ بِقَائِمَةٍ مِنْ قَوَائِمِ الْعَرْشِ، فَلاَ أَدْرِي أَكَانَ فِيمَنْ صَعِقَ، أَمْ حُوسِبَ بِصَعْقَةِ الأُولَى؟) .

3550 - (ق) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صلّى الله عليه وسلّم قَالَ: (كَانَتْ بَنُو إِسْرَائِيلَ يَغْتَسِلُونَ عُرَاةً، يَنْظُرُ بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ، وَكَانَ مُوسَى يَغْتَسِلُ وَحْدَهُ، فَقَالُوا: واللهِ مَا يَمْنَعُ مُوسَى أَنْ يَغْتَسِلَ مَعَنَا؛ إلاَّ أَنَّهُ آدَرُ [1] . فَذَهَبَ مَرَّةً يَغْتَسِلُ، فَوَضَعَ ثَوْبَهُ عَلَى حَجَرٍ، فَفَرَّ الْحَجَرُ بِثَوْبِهِ، فَخَرَجَ مُوسَى فِي إِثْرِهِ، يَقُولُ: ثَوْبِي يَا حَجَرُ، حَتَّى نَظَرَتْ بَنُو إِسْرَائِيلَ إِلَى مُوسَى، فَقَالُوا: وَاللهِ مَا بِمُوسَى مِنْ بَأْسٍ. وَأَخَذَ ثَوْبَهُ، فَطَفِقَ بِالْحَجَرِ ضَرْباً) . فَقَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: وَاللهِ إِنَّهُ لَنَدَبٌ بِالْحَجَرِ [2] ، سِتَّةٌ أَوْ سَبْعَةٌ، ضَرْباً بِالْحَجَرِ.

3551 - (ق) وَعَنْهُ رضي الله عنه قَالَ: أُرْسِلَ مَلَكُ المَوْتِ إِلَى مُوسى عليهما السلام، فَلَمَّا جَاءَهُ صَكَّهُ [1] ، فَرَجَعَ إِلَى رَبِّهِ، فَقَالَ: أَرْسَلْتَنِي إِلَى عَبْدٍ لاَ يُرِيدُ المَوْتَ، فَرَدَّ اللهُ عَلَيْهِ عَيْنَهُ، وَقَالَ: ارْجِعْ، فَقُلْ لَهُ يَضَعُ يَدَهُ عَلَى مَتْنِ ثَوْرٍ، فَلَهُ بِكُلِّ ما غَطَّتْ بِهِ يَدُهُ بِكُلِّ شَعْرَةٍ سَنَةٌ. قَالَ: أَيْ رَبِّ، ثُمَّ مَاذَا؟ قَالَ: ثُمَّ المَوْتُ. قَالَ: فَالآنَ. فَسَأَلَ اللهَ أَنْ يُدْنِيَهُ مِنَ الأَرْضِ المُقَدَّسَةِ رَمْيَةً بِحَجَرٍ [2] . قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلّى الله عليه وسلّم: (فَلَوْ كُنْتُ ثَمَّ لأَرَيْتُكُمْ قَبْرَهُ، إِلَى جَانِبِ الطَّرِيقِ، عِنْدَ الْكَثِيبِ الأَحْمَرِ) .

3552 - (ق) عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ قالَ: قُلْتُ لاِبْنِ عَبَّاسٍ: إِنَّ نَوْفاً الْبِكَالِيَّ يَزْعُمُ: أَنَّ مُوسى صَاحِبَ الخَضِر لَيْسَ هُوَ مُوسى بَنِي إِسْرَائِيلَ، إِنَّمَا هُوَ مُوسى آخَرُ، فَقَالَ: كَذَبَ عَدُوُّ اللهِ، حَدَّثَنَا أُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ، عَنِ النَّبِيِّ صلّى الله عليه وسلّم: (أَن مُوسى قَامَ خَطِيباً في بَنِي إِسْرَائِيلَ، فَسُئِلَ: أَيُّ النَّاسِ أَعْلَمُ؟ فَقَالَ: أَنَا، فَعَتَبَ اللهُ عَلَيْهِ، إِذْ لَمْ يَرُدَّ الْعِلْمَ إِلَيْهِ، فَقَالَ لَهُ: بَلَى، لِي عَبْدٌ بِمَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ هُوَ أَعْلَمُ مِنْكَ، قالَ: أَيْ رَبِّ وَمَنْ لِي بِهِ؟ ـ وَرُبَّمَا قالَ سُفْيَانُ: أَيْ رَبِّ وَكَيْفَ لِي بِهِ ؟ ـ قالَ: تَأْخُذُ حُوتاً، فَتَجْعَلُهُ في مِكْتَلٍ [1] ، حَيْثُمَا فَقَدْتَ الحُوتَ فَهْوَ ثَمَّ [2] .
وذَكَرَ القِصَّةَ كَما وَرَدَتْ في سُورةِ الكَهْف. وجَاءَ في آخرِه:
قَالَ النَّبِيُّ صلّى الله عليه وسلّم: (يَرْحَمُ اللهُ مُوسى، لَوْ كانَ صَبَرَ لَقُصَّ عَلَيْنَا مِنْ أَمْرِهِمَا) .