الكِتَابُ الرَّابع عَشَر: الذكر والدعاء والتوبة

قال تعالى: {وَاذْكُرْ رَبَّكَ فِي نَفْسِكَ تَضَرُّعًا وَخِيفَةً وَدُونَ الْجَهْرِ مِنَ الْقَوْلِ بِالْغَدُوِّ وَالآصَالِ وَلاَ تَكُنْ مِنَ الْغَافِلِينَ *}. [الأعراف:205]

620 - (ق) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلّى الله عليه وسلّم: (إِنَّ للهِ مَلاَئِكَةً يَطُوفُونَ فِي الطُّرُقِ، يَلْتَمِسُونَ أَهْلَ الذِّكْرِ، فَإِذَا وَجَدُوا قَوْماً يَذْكُرُونَ اللهَ تَنَادَوْا: هَلُمُّوا إِلَى حَاجَتِكُمْ. قَالَ: فَيَحُفُّونَهُمْ بِأَجْنِحَتِهِمْ إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا، قَالَ: فَيَسْأَلُهُمْ رَبُّهُمْ، وَهُوَ أَعْلَمُ مِنْهُمْ، مَا يَقُولُ عِبَادِي؟ قالَ تَقُولُ: يُسَبِّحُونَكَ وَيُكَبِّرُونَكَ وَيَحْمَدُونَكَ وَيُمَجِّدُونَكَ، قالَ فَيَقُولُ: هَلْ رَأَوْنِي؟ قَالَ: فَيَقُولُونَ لاَ، وَاللهِ مَا رَأَوْكَ! قالَ فَيَقُولُ: وَكَيْفَ لَوْ رَأَوْنِي؟ قالَ يَقُولُونَ: لَوْ رَأَوْكَ كَانُوا أَشَدَّ لَكَ عِبَادَةً، وَأَشَدَّ لَكَ تَمْجِيداً، وَأَكْثَرَ لَكَ تَسْبِيحاً.
قالَ يَقُولُ: فَمَا يَسْأَلُونَنِي؟ قَالَ: يَسْأَلُونَكَ الجَنَّةَ، قالَ يَقُولُ: وَهَلْ رَأَوْهَا؟ قالَ يَقُولُونَ: لاَ، وَاللهِ يَا رَبِّ! مَا رَأَوْهَا، قالَ يَقُولُ: فَكَيْفَ لَوْ أَنَّهُمْ رَأَوْهَا؟ قالَ يَقُولُونَ: لَوْ أَنَّهُمْ رَأَوْهَا كَانُوا أَشَدَّ عَلَيْهَا حِرْصاً، وَأَشَدَّ لَهَا طَلَباً، وَأَعْظَمَ فِيهَا رَغْبَةً.
قَالَ: فَمِمَّ يَتَعَوَّذُونَ؟ قالَ يَقُولُونَ: مِنَ النَّارِ، قالَ يَقُولُ: وَهَلْ رَأَوْهَا؟ قالَ يَقُولُونَ: لاَ، وَاللهِ يَا رَبِّ! مَا رَأَوْهَا، قالَ يَقُولُ: فَكَيْفَ لَوْ رَأَوْهَا؟ قالَ يَقُولُونَ: لَوْ رَأَوْهَا كَانُوا أَشَدَّ مِنْهَا فِرَاراً، وَأَشَدَّ لَهَا مَخَافَةً، قالَ: فَيَقُولُ: فَأُشْهِدُكُمْ أَنِّي قَدْ غَفَرْتُ لَهُمْ. قَالَ: يَقُولُ مَلَكٌ مِنَ المَلاَئِكَةِ: فِيهِمْ فُلاَنٌ لَيْسَ مِنْهُمْ، إِنَّمَا جَاءَ لِحَاجَةٍ. قَالَ: هُمُ الْجُلَسَاءُ لاَ يَشْقَى بِهِمْ جَلِيسُهُمْ).

قال تعالى: {وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا *}. [الأحزاب:35]
وقال تعالى: {وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ *}. [العنكبوت:45]
وقال تعالى: {فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ *}. [البقرة:152]

[خ6408/ م2689]

623 - (م) عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: كَانَ النَّبِيُّ صلّى الله عليه وسلّم يَذْكُرُ اللهَ عَلَى كُلِّ أَحْيَانِهِ.

قال تعالى: {وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ *}. [الجمعة:41، 42]
وقال تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْرًا كَثِيرًا *وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلاً *}. [الأحزاب:41، 42]
وقال تعالى: {الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِهِمْ *}. [آل عمران:191]

629 - (ق) عَنْ عَلِيٍّ رضي الله عنه: أَنَّ فَاطِمَةَ رضي الله عنها اشْتَكَتْ مَا تَلْقَى مِنَ الرَّحى مِمَّا تَطْحَنُ، فَبَلَغَهَا أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلّى الله عليه وسلّم أُتِيَ بِسَبْيٍ، فَأَتَتْهُ تَسْأَلُهُ خَادِماً فَلَمْ تُوَافِقْهُ، فَذَكَرَتْ لِعَائِشَةَ، فَجَاءَ النَّبِيُّ صلّى الله عليه وسلّم فَذَكَرَتْ ذلِكَ عَائِشَةُ لَهُ، فَأَتَانَا وَقَدْ دَخَلْنَا مَضَاجِعَنَا، فَذَهَبْنَا لِنَقُومَ، فَقَالَ: (عَلَى مَكَانِكُمَا)، حَتَّى وَجَدْتُ بَرْدَ قَدَمَيْهِ عَلَى صَدْرِي، فَقَالَ: (أَلاَّ أَدُلُكُمَا عَلَى خَيْرٍ مِمَّا سَأَلْتُمَاهُ، إِذَا أَخَذْتُمَا مَضَاجِعَكُمَا: فَكَبِّرَا اللهَ أَرْبَعاً وَثَلاَثِينَ، وَاحْمَدَا ثَلاَثاً وَثَلاَثِينَ، وَسَبِّحَا ثَلاَثاً وَثَلاَثِينَ، فَإِنَّ ذلِكَ خَيْرٌ لَكُمَا مِمَّا سَأَلْتُمَاهُ).

قال تعالى: {فَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ الْغُرُوبِ *}. [ق:39]
وقال تعالى: {فَسُبْحَانَ اللَّهِ حِينَ تُمْسُونَ وَحِينَ تُصْبِحُونَ *}. [الروم:17]

[خ3113/ م2727]