الفصل الثاني: فضائل مكة والمدينة

قال تعالى: {وَإِذْ جَعَلْنَا الْبَيْتَ مَثَابَةً لِلنَّاسِ وَأَمْناً وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلّىً وَعَهِدْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ أَنْ طَهِّرَا بَيْتِي لِلطَّائِفِينَ وَالْعَاكِفِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ *وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَذَا بَلَدًا آمِناً وَارْزُقْ أَهْلَهُ مِنَ الثَّمَرَاتِ مَنْ آمَنَ مِنْهُمْ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ قَالَ وَمَنْ كَفَرَ فَأُمَتِّعُهُ قَلِيلاً ثُمَّ أَضْطَرُّهُ إِلَى عَذَابِ النَّارِ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ *}. [البقرة:125، 126]\nوقال تعالى: {وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَذَا الْبَلَدَ آمِناً وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَنْ نَعْبُدَ الأَصْنَامَ *}. [إبراهيم:25]

587 - (ق) عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صلّى الله عليه وسلّم يَوْمَ افْتَتَحَ مَكَّةَ: (لاَ هِجْرَةَ [1] ، ولكِنْ جِهَادٌ وَنِيَّةٌ [2] ، وَإِذَا اسْتُنْفِرْتُمْ فَانْفِرُوا [3] ، فَإِنَّ هَذَا بَلَدٌ حَرَّمَهُ اللهُ يَوْمَ خَلَقَ السَّماوَاتِ وَالأَرْضَ، وَهُوَ حَرَامٌ بِحُرْمَةِ اللهِ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ، وَإِنَّهُ لَمْ يَحِلَّ الْقِتَالُ فِيهِ لأَحَدٍ قَبْلِي، وَلَمْ يَحِلَّ لِي إِلاَّ سَاعَةً مِنْ نَهَارٍ، فَهُوَ حَرَامٌ بِحُرْمَةِ اللهِ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ، لاَ يُعْضَدُ [4] شَوْكُهُ، وَلاَ يُنَفَّرُ صَيْدُهُ، وَلاَ يَلْتَقِطُ لُقَطَتَهُ إِلاَّ مَنْ عَرَّفَهَا، وَلاَ يُخْتَلَى خَلاَهَا) [5] .
قَالَ العَبَّاسُ: يَا رَسُولَ اللهِ! إِلاَّ الإِذْخِرَ
[6]
، فَإِنَّهُ لِقَيْنِهِمْ وَلِبُيُوتِهِمْ [7] ، قَالَ: قَالَ: (إِلاَّ الإِذْخِرَ).

590 - (ق) عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ: أنَّ رَسُولَ الله صلّى الله عليه وسلّم دَخَلَ الْكَعْبَةَ، وَأُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ وَبِلاَلٌ وَعُثْمَانُ بْنُ طَلْحَةَ الْحَجَبِيُّ [1] ، فَأَغْلَقَهَا عَلَيْهِ، وَمَكَثَ فِيهَا. فَسَأَلْتُ بِلاَلاً، حِينَ خَرَجَ: مَا صَنَعَ النَّبِيُّ صلّى الله عليه وسلّم؟ قَالَ: جَعَلَ عَمُوداً عَنْ يَسَارِهِ، وَعَمُوداً عَنْ يَمِيِنِه، وَثَلاَثَةَ أَعْمِدَةٍ وَرَاءَهُ ـ وَكَانَ الْبَيْتُ يَوْمَئِذٍ عَلَى سِتَّةِ أَعْمِدَةٍ ـ ثُمَّ صَلَّى.

592 - (م) عَنْ سَعدِ بنِ أَبي وقاصٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله صلّى الله عليه وسلّم: (إِنِّي أُحَرِّمُ مَا بَيْنَ لاَبَتَي الْمَدِينَة [1] ؛ أَنْ يُقْطَعَ عِضَاهُهَا [2] ، أَوْ يُقْتَلَ صَيْدُهَا). وَقَالَ: (الْمَدِينَةُ خَيْرٌ لَهُمْ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ، لاَ يَدَعُهَا أَحَدٌ رَغْبَةً عَنْهَا؛ إِلاَّ أَبْدَلَ الله فِيهَا مَنْ هُوَ خَيْرٌ مِنْهُ، وَلاَ يَثْبُتُ أَحَدٌ عَلَى لْأوَائِهَا [3] وَجَهْدِهَا؛ إِلاَّ كُنْتُ لَهُ شَفِيعاً، أَوْ شَهِيداً، يَوْمَ الْقِيَامَةِ).