الفصل السابع: المعجزات

1290 - (ق) عَنْ أَنَسِ بْنِ مالِكٍ أَنَّهُ قَالَ: رَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ صلّى الله عليه وسلّم، وَحَانَتْ صَلاَةُ الْعَصْرِ، فَالْتَمَسَ النَّاسَ الْوَضُوءَ [1] فَلَمْ يَجِدُوهُ، فَأُتِيَ رَسُولُ اللهِ صلّى الله عليه وسلّم بِوَضُوءٍ، فَوَضَعَ رَسُولُ اللهِ صلّى الله عليه وسلّم فِي ذَلِكَ الإِنَاءِ يَدَهُ، وَأَمَرَ النَّاسَ أَنْ يَتَوَضَّؤُوا مِنْهُ. قَالَ: فَرَأَيْتُ المَاءَ يَنْبُعُ مِنْ تَحْتِ أَصَابِعِهِ، حَتَّى تَوَضَّؤُوا مِنْ عِنْدِ آخِرِهِمْ.

1291 - (خ) عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ قالَ: كُنَّا نَعُدُّ الآيَاتِ [1] بَرَكَةً، وَأَنْتُمْ تَعُدُّونَهَا تَخْوِيفاً [2] ، كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللهِ صلّى الله عليه وسلّم في سَفَرٍ، فَقَلَّ المَاءُ، فَقَالَ: (اطْلُبُوا فَضْلَةً مِنْ مَاءٍ). فَجَاؤُوا بِإِنَاءٍ فِيهِ ماءٌ قَلِيلٌ، فَأَدْخَلَ يَدَهُ في الإِنَاءِ، ثُمَّ قَالَ: (حَيَّ عَلَى الطَّهُورِ المُبَارَكِ، وَالْبَرَكَةُ مِنَ اللهِ). فَلَقَدْ رَأَيْتُ المَاءَ يَنْبُعُ مِنْ بَيْنِ أَصَابِعِ رَسُولِ اللهِ صلّى الله عليه وسلّم، وَلَقَدْ كُنَّا نَسْمَعُ تَسْبِيحَ الطَّعَامِ وَهْوَ يُؤْكَلُ.

1292 - (ق) عَنْ عَبْدِ الرَّحْمنِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ رضي الله عنهما قالَ: كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ صلّى الله عليه وسلّم ثَلاَثِينَ وَمِائَةً، فَقَالَ النَّبِيُّ صلّى الله عليه وسلّم: (هَلْ مَعَ أَحَدٍ مِنْكُمْ طَعَامٌ) ؟ فَإِذَا مَعَ رَجُلٍ صَاعٌ مِنْ طَعَامٍ أَوْ نَحْوُهُ، فَعُجِنَ، ثُمَّ جاءَ رَجُلٌ مُشْرِكٌ، مُشْعَانٌّ [1] طَوِيلٌ، بِغَنَمٍ يَسُوقُهَا، فَقَالَ النَّبِيُّ صلّى الله عليه وسلّم: (بَيْعاً أَمْ عَطِيَّةً، أَوْ قالَ: أَمْ هِبَةً). قالَ: لاَ، بَلْ بَيْعٌ، فَاشْتَرَى مِنْهُ شَاةً، فَصُنِعَتْ، وَأَمَرَ النَّبِيُّ صلّى الله عليه وسلّم بِسَوَادِ الْبَطْنِ أَنْ يُشْوَى. وَايْمُ اللهِ، مَا فِي الثَّلاَثِينَ وَالْمِائَةِ إِلاَّ قَدْ حَزَّ النَّبِيُّ صلّى الله عليه وسلّم لَهُ حُزَّةً مِنْ سَوَادِ بَطْنِهَا، إِنْ كانَ شَاهِداً أَعْطَاهَا إِيَّاهُ، وَإِنْ كانَ غائِباً خَبَأَ لَهُ، فَجَعَلَ مِنْهَا قَصْعَتَيْنِ، فَأَكَلُوا أَجْمَعُونَ وَشَبِعْنَا، فَفَضَلَتِ الْقَصْعَتَانِ، فَحَمَلْنَاهُ عَلَى الْبَعِيرِ، أَوْ كما قالَ.

1293 - (م) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَوْ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ ـ شَكَّ الأَعْمَشُ ـ قَالَ: لَمَّا كَانَ غَزْوَةُ تَبُوكَ، أَصَابَ النَّاسَ مَجَاعَةٌ، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ، لَوْ أَذِنْتَ لَنَا فَنَحَرْنَا نَوَاضِحَنَا فَأَكَلْنَا وَادَّهَنَّا، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلّى الله عليه وسلّم: (افْعَلُوا). قَالَ: فَجَاءَ عُمَرُ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنْ فَعَلْتَ قَلَّ الظَّهْرُ، وَلكِنِ ادْعُهُمْ بِفَضْلِ أَزْوَادِهِمْ، ثُمَّ ادْعُ اللهَ لَهُمْ عَلَيْهَا بِالْبَرَكَةِ، لَعَلَّ اللهَ أَنْ يَجْعَلَ فِي ذلِكَ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلّى الله عليه وسلّم: (نَعَمْ).
قَالَ: فَدَعَا بِنِطَعٍ فَبَسَطَهُ، ثُمَّ دَعَا بِفَضْلِ أَزْوَادِهِمْ، قَالَ: فَجَعَلَ الرَّجُلُ يَجِيءُ بِكَفِّ ذُرَةٍ، قَالَ: وَيَجِيءُ الآخَرُ بِكَفِّ تَمْرٍ، قَالَ: وَيَجِيءُ الآخَرُ بَكِسْرَةٍ، حَتَّى اجْتَمَعَ عَلَى النِّطَعِ مِنْ ذلِكَ شَيْءٌ يَسِيرٌ، قَالَ: فَدَعَا رَسُولُ اللهِ صلّى الله عليه وسلّم عَلَيْهِ بِالْبَرَكَةِ، ثُمَّ قَالَ: (خُذُوا فِي أَوْعَيَتِكُمْ) قَالَ: فَأَخَذُوا فِي أَوْعِيَتِهِمْ، حَتَّى مَا تَرَكُوا فِي الْعَسْكَرِ وِعَاءً إِلاَّ مَلَؤُوهُ. قَالَ: فَأَكَلُوا حَتَّى شَبِعُوا، وَفَضَلَتْ فَضْلَةٌ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلّى الله عليه وسلّم: (أَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلهَ إِلاَّ اللهُ، وَأَنِّي رَسُولُ اللهِ، لاَ يَلْقَى اللهَ بِهِمَا عَبْدٌ، غَيْرَ شَاكٍّ، فَيُحْجَبَ عَنِ الْجَنَّةِ). [م27]

1294 - (ق) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قالَ: شَهِدْنَا مَعَ رَسُولِ اللهِ صلّى الله عليه وسلّم، فَقَالَ لِرَجُلٍ مِمَّنْ يَدَّعِي الإِسْلاَمَ: (هَذَا مِنْ أَهْلِ النَّارِ). فَلَمَّا حَضَرَ الْقِتَالُ قَاتَلَ الرَّجُلُ قِتَالاً شَدِيداً، فَأَصَابَتْهُ جِرَاحَةٌ، فَقِيلَ: يَا رَسُولَ اللهِ، الَّذِي قُلْتَ إِنَّهُ مِنْ أَهْلِ النَّارِ، فَإِنَّهُ قَدْ قاتَلَ الْيَوْمَ قِتَالاً شَدِيداً وَقَدْ ماتَ، فَقَالَ النَّبِيُّ صلّى الله عليه وسلّم: (إِلَى النَّارِ). قَالَ: فَكَادَ بَعْضُ النَّاسِ أَنْ يَرْتَابَ، فَبَيْنَمَا هُمْ عَلَى ذلِكَ إِذْ قِيلَ: إِنَّهُ لَمْ يَمُتْ، وَلكِنَّ بِهِ جِرَاحاً شَدِيداً، فَلَمَّا كانَ مِنَ اللَّيْلِ لَمْ يَصْبِرْ عَلَى الْجِرَاحِ، فَقَتَلَ نَفْسَهُ، فَأُخْبِرَ النَّبِيُّ صلّى الله عليه وسلّم بِذلِكَ فَقَالَ: ( اللهُ أَكْبَرُ، أَشْهَدُ أَنِّي عَبْدُ اللهِ وَرَسُولُهُ). ثُمَّ أَمَرَ بِلاَلاً فَنَادَى بِالنَّاسِ: (إِنَّهُ لاَ يَدْخُلُ الجَنَّةَ إِلاَّ نَفْسٌ مُسْلِمَةٌ، وَإِنَّ اللهَ لَيُؤيِّدُ هَذَا الدِّينَ بِالرَّجُلِ الْفَاجِرِ).

1296 - (خ) عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه قالَ: انْطَلَقَ سَعْدُ بْنُ مُعَاذٍ مُعْتَمِراً، قَالَ: فَنَزَلَ عَلَى أُمَيَّةَ بْنِ خَلَفٍ أَبِي صَفْوَانَ، وَكَانَ أُمَيَّةُ إِذَا انْطَلَقَ إِلَى الشَّامِ فَمَرَّ بِالمَدِينَةِ نَزَلَ عَلَى سَعْدٍ، فَقَالَ أُمَيَّةُ لِسَعْدٍ: انْتَظِرْ حَتَّى إِذَا انْتَصَفَ النَّهَارُ وَغَفَلَ النَّاسُ انْطَلَقْتَ فَطُفْتَ. فَبَيْنَا سَعْدٌ يَطُوفُ إِذَا أَبُو جَهْلٍ، فَقَالَ: مَنْ هَذَا الَّذِي يَطُوفُ بِالْكَعْبَةِ؟ فَقَالَ سَعْدٌ: أَنَا سَعْدٌ، فَقَالَ أَبُو جَهْلٍ: تَطُوفُ بِالْكَعْبَةِ آمِناً، وَقَدْ آوَيْتُمْ مُحَمَّداً وَأَصْحَابَهُ؟ فَقَالَ: نَعَمْ، فَتَلاحَيَا [1] بَيْنَهُمَا، فَقَالَ أُمَيَّةُ لَسَعْدٍ: لاَ تَرْفَعْ صَوْتَكَ عَلَى أَبِي الحَكَمِ [2] ، فَإِنَّهُ سَيِّدُ أَهْلِ الْوَادِي. ثُمَّ قَالَ سَعْدٌ: وَاللهِ لَئِنْ مَنَعْتَنِي أَنْ أَطُوفَ بِالْبَيْتِ لأَقْطَعَنَّ مَتْجَرَكَ بِالشَّامِ.
قالَ: فَجَعَلَ أُمَيَّةُ يَقُولُ لِسَعْدٍ: لاَ تَرْفَعَ صَوْتَكَ، وَجَعَلَ يُمْسِكهُ، فَغَضِبَ سَعْدٌ فَقَالَ: دَعْنَا عَنْكَ، فَإِنِّي سَمِعْتُ مُحَمَّداً صلّى الله عليه وسلّم يَزْعَمُ
[3]
أَنَّهُ قاتِلُكَ، قالَ: إِيَّايَ؟ قالَ: نَعَمْ، قَالَ: وَاللهِ ما يَكْذِبُ مُحَمَّدٌ إِذَا حَدَّثَ. فَرَجَعَ إِلَى امْرَأَتِهِ، فَقَالَ: أَمَا تَعْلَمِينَ ما قالَ لِي أَخِي الْيَثْرِبِيُّ؟ قالَتْ: وَمَا قالَ؟ قالَ: زَعَمَ أَنَّهُ سَمِعَ مُحَمَّداً يَزْعُمُ أَنَّهُ قاتِلِي، قَالَتْ: فَوَاللهِ ما يَكْذِبُ مُحَمَّدٌ. قَالَ: فَلَمَّا خَرَجُوا إِلَى بَدْرٍ، وَجاءَ الصَّرِيخُ [4] ، قَالَتْ لَهُ امْرَأَتُهُ: أَمَا ذَكَرْتَ ما قَالَ لَكَ أَخُوكَ الْيَثْرِبِيُّ؟ قَالَ: فَأَرَادَ أَنْ لاَ يَخْرُجَ، فَقَالَ لَهُ أَبُو جَهْلٍ: إِنَّكَ مِنْ أَشْرَافِ الْوَادِي فَسِرْ يَوْماً أَوْ يَوْمَيْنِ، فَسَارَ مَعَهُمْ، فَقَتَلَهُ اللهُ.

1297 - (خ) عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ رضي الله عنهما: أَنَّ امْرَأَةً مِنَ الأَنْصَارِ، قَالَتْ لِرَسُولِ اللهِ صلّى الله عليه وسلّم: يَا رَسُولَ اللهِ! أَلاَ أَجْعَلُ لَكَ شَيْئاً تَقْعُدُ عَلَيْهِ، فَإِنَّ لِي غُلاَماً نَجَّاراً. قَالَ: (إِنْ شِئْتِ). قَالَ: فَعَمِلَتْ لَهُ الْمِنْبَرَ، فَلَمَّا كَانَ يَوْمُ الجُمُعَةِ، قَعَدَ النَّبِيُّ صلّى الله عليه وسلّم عَلَى الْمِنْبَرِ الَّذِي صُنِعَ، فَصَاحَتِ النَّخْلَةُ الَّتِي كَانَ يَخْطُبُ عِنْدَهَا، حَتَّى كَادَتْ أَنْ تَنْشَقَّ، فَنَزَلَ النَّبِيُّ صلّى الله عليه وسلّم حَتَّى أَخَذَهَا فَضَمَّهَا إِلَيْهِ، فَجَعَلَتْ تَئِنُّ أَنِينَ الصَّبِيِّ الَّذِي يُسَكَّتُ، حَتَّى اسْتَقَرَّتْ، قَالَ: (بَكَتْ عَلَى مَا كَانَتْ تَسْمَعُ مِنَ الذِّكْرِ).

1300 - (ق) عَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه قَالَ: كَانَ رَجُلٌ نَصْرَانِيَّاً فَأَسْلَمَ، وَقَرَأَ الْبَقَرَةَ وَآلَ عِمْرَانَ، فَكَانَ يَكْتُبُ لِلنَّبِيِّ صلّى الله عليه وسلّم، فَعَادَ نَصْرَانِيَّاً، فَكانَ يَقُولُ: ما يَدْرِي مُحَمَّدٌ إِلا ما كَتَبْتُ لَهُ، فَأَمَاتَهُ اللهُ فَدَفَنُوهُ، فَأَصْبَحَ وَقَدْ لَفَظَتْهُ الأَرْضُ، فَقَالُوا: هَذَا فِعْلُ محمَّدٍ وَأَصْحَابِهِ لَمَّا هَرَبَ مِنْهُمْ، نَبَشُوا عَنْ صَاحِبِنَا فَأَلْقَوْهُ، فَحَفَرُوا لَهُ فَأَعْمَقُوا، فَأَصْبَحَ وَقَدْ لَفَظَتْهُ الأَرْضُ، فَقَالُوا: هَذَا فِعْلُ محمَّدٍ وَأَصْحَابِهِ، نَبَشُوا عَنْ صَاحِبِنَا لَمَّا هَرَبَ مِنْهُمْ فَأَلْقَوْهُ، فَحَفَرُوا لَهُ وَأَعْمَقُوا لَهُ في الأَرْضِ ما اسْتَطَاعُوا، فَأَصْبَحَ قَدْ لَفَظَتْهُ الأَرْضُ، فَعَلِمُوا: أَنَّهُ لَيْسَ مِنَ النَّاسِ، فَأَلْقَوْهُ.