الكِتَابُ العَاشِر: الزكـاة

458 - (ق) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: لَمَّا تُوُفِّيَ رَسُولُ اللهِ صلّى الله عليه وسلّم وَكَانَ أَبُو بَكْرٍ [1] رضي الله عنه، وَكَفَرَ مَنْ كَفَرَ مِنَ الْعَرَبِ، فَقَالَ عُمَرُ رضي الله عنه: كَيْفَ تُقَاتِلُ النَّاسَ وَقَدْ قَالَ رَسُولُ اللهِ صلّى الله عليه وسلّم: (أُمِرْتُ أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَقُولُوا: لاَ إِلهَ إِلاَّ اللهَ، فَمَنْ قَالَهَا، فَقَدْ عَصَمَ مِنِّي مالَهُ وَنَفْسَهُ إِلاَّ بِحَقِّهِ، وَحِسَابُهُ عَلَى اللهِ) ؟ فَقَالَ: وَاللهِ لأُقَاتِلَنَّ مَنْ فَرَّقَ بَيْنَ الصَّلاَةِ وَالزَّكاةِ، فَإِنَّ الزَّكَاةَ حَقُّ المَالِ. وَاللهِ لَوْ مَنَعُونِي عَنَاقاً [2] كانُوا يُؤَدُّونَهَا إِلَى رَسُولِ اللهِ صلّى الله عليه وسلّم لَقَاتَلْتُهُمْ عَلَى مَنْعِهَا. قَالَ عُمَرُ رضي الله عنه: فَوَاللهِ ما هُوَ إِلاَّ أَنْ قَدْ شَرَحَ اللهُ صَدْرَ أَبِي بَكْرٍ رضي الله عنه، فَعَرَفْتُ أَنَّهُ الْحَقُّ [3] .

قال تعالى: {وَأَقِيمُوا الصَّلاَةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ}. [البقرة:43]
وقال تعالى: {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا}. [التوبة:103]

459 - (خ) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلّى الله عليه وسلّم: (مَنْ آتَاهُ اللهُ مالاً فَلَمْ يُؤَدِّ زَكَاتَهُ، مُثِّلَ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ شُجَاعاً أَقْرَعَ [1] ، لَهُ زَبِيبَتَانِ [2] ، يُطَوِّقُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، ثُمَّ يَأْخُذُ بِلِهْزِمَيْهِ ـ يَعْنِي: شِدْقَيْهِ ـ ثُمَّ يَقُولُ: أَنَا مَالُكَ، أَنَا كَنْزُكَ، ثُمَّ تَلاَ: {وَلاَ يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَبْخَلُونَ} الآية [آل عمران:180] ). [خ1403]

قال تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ كَثِيرًا مِنَ الأَحْبَارِ وَالرُّهْبَانِ لَيَأْكُلُونَ أَمْوَالَ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلاَ يُنْفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ *يَوْمَ يُحْمَى عَلَيْهَا فِي نَارِ جَهَنَّمَ فَتُكْوَى بِهَا جِبَاهُهُمْ وَجُنُوبُهُمْ وَظُهُورُهُمْ هَذَا مَا كَنَزْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ فَذُوقُوا مَا كُنْتُمْ تَكْنِزُونَ *}. [التوبة:34، 35]

[حم21989]

* إسناده صحيح، رجاله رجال الشيخين.

467 - عَنْ أَسْلَمَ: أَنَّهُ لَمَّا كَانَ عَامُ الرَّمَادَةِ وَأَجْدَبَتْ بِبِلادِ الأَرْضُ، كَتَبَ عُمَرُ بْنُ الخَطَّابِ إِلى عَمْروِ بْنِ العَاصِ: مِنْ عَبْدِ اللهِ عُمَرَ أَمِيْرِ المُؤْمِنِينَ إِلَى العَاصِ بْنِ العَاصَ: لَعَمْرِي مَا تُبَالي إِذَا سَمِنْتَ، وَمَنْ قِبَلَكَ، أَنْ أَعْجَفَ أَنَا وَمَنْ قِبَلي وَيَا غَوْثَاهُ.
فَكَتَبَ عَمْرٌو: سَلامٌ أَمَا بَعْدُ لَبَّيْكَ لَبَّيْكَ، أَتَتْكَ عِيْرٌ أَوَّلُهَا عِنْدَكَ وَآخِرُهَا عِنْدِي، مَعْ أَنَّي أَرْجُو أَنْ أَجِدَ سَبِيلاً أَنْ أَحْمِلَ فِي البَحْرِ.
فَلَمَّا قَدِمَتْ أَوَّلُ عِيْرٍ دَعَا الزُّبَيْرَ فَقَالَ: اخْرُجْ فِي أَوَّلِ هذِهِ العِيْرِ فَاسْتَقْبِلْ بِها نَجْداً فَاحْمِلْ إِلى
[1] كُلِّ أَهْلِ بَيْتٍ قَدَرْتَ عَلَى أَنْ تَحْمِلَهُمْ إِليَّ، وَمَنْ لَمْ تَسْتَطِعْ حَمْلَهُ فَمُرْ لِكُلِّ أَهْلِ بَيْتٍ بِبَعِيرٍ بِمَا عَلَيْهِ، وَمُرْهُمْ فَلْيَلْبِسُوا كِيَاسَ الذِينَ فِيهِمُ الحِنْطَةَ، وَلْيَنْحَروا البَعِيرَ فَلْيَجْمِلُوا شَحْمَهُ وَلْيَقِدُّوا لَحْمَهُ، وَلْيِحْذُوا جِلْدَهُ، ثُمَّ لْيَأْخُذُوا كَمْيَّةً مِنْ قَدِيْدٍ وكَمْيَّةً مِنْ شَحْمٍ وَحَفْنَةً مِنْ دَقِيقٍ، فَيَطْبُخُوا فَيَأْكُلُوا حَتَّى يَأْتِيَهُمُ اللهُ بِرِزْقٍ.
فَأَبَى صلّى الله عليه وسلّم الزُّبَيرُ أَنْ يَخْرُجَ، فَقَالَ: أَمَا وَاللهِ لا تَجِدُ مِثْلَهَا حَتَّى تَخْرُجَ مِنَ الدُّنْيا، ثُمَّ دَعَا آخَرَ أَظَنُّهُ طَلْحَةَ فَأَبَى.
ثُمَّ دَعَا أَبَا عُبَيْدَةَ بْنِ الجَرَّاحِ فَخَرَجَ فِي ذَلِكَ، فَلَمَّا رَجَعَ بَعَثَ إِلَيْهِ بِأَلْفِ دِينَارٍ، فَقَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ: إِنِّي لَمْ أَعْمَلْ لَكَ يَا ابْنَ الخَطَّابِ إِنَّما عَمِلْتُ للهِ وَلَسْتُ آخُذُ فِي ذَلِكَ شَيْئاً، فَقَالَ عُمَرُ: قَدْ أَعْطَانَا رَسُولُ اللهِ صلّى الله عليه وسلّم فِي أَشْيَاءَ بَعَثَنَا لهَا فَكَرِهْنَا، فَأَبى ذَلِكَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللهِ صلّى الله عليه وسلّم، فَاقْبَلْها أَيُّها الرَّجُل، فَاسْتَعِنْ بِها عَلَى دُنْيَاكَ وَدِينِكَ، فَقَبِلَها أَبُو عُبَيْدَةَ بْنِ الجَرَّاحِ. ثم ذكر الحديث.

[مه2367/ك1471/هق6/355]

* قال الذهبي: على شرط مسلم.

471 - (ق) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلّى الله عليه وسلّم: (مَنْ تَصَدَّقَ بِعَدْلِ تَمْرَةٍ مِنْ كَسْبٍ طَيِّبٍ، وَلاَ يَقْبَلُ اللهُ إِلاَّ الطَّيِّبَ، فَإِنَّ اللهَ يَتَقَبَّلُهَا بَيِمِينِهِ، ثُمَّ يُرَبِّيها لِصَاحِبِهَا، كَما يُرَبِّي أَحَدُكُمْ فَلُوَّهُ [1] ، حَتَّى تَكونَ مِثْلَ الجَبَلِ).

قال تعالى: {مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَناً فَيُضَاعِفَهُ لَهُ وَلَهُ أَجْرٌ كَرِيمٌ *}. [الحديد:11]
وقال تعالى: {إِنَّ الْمُصَّدِّقِينَ وَالْمُصَّدِقَاتِ وَأَقْرَضُوا اللَّهَ قَرْضًا حَسَناً يُضَاعَفُ لَهُمْ وَلَهُمْ أَجْرٌ كَرِيمٌ *}. [الحديد:18]