الكِتَابُ الأوَّل: الإِمامة العامة وأَحكامها

931 - (ق) عَنْ عَلِيٍّ رضي الله عنه قَالَ: بَعَثَ النَّبِـيُّ صلّى الله عليه وسلّم سَرِيَّةً، وَأَمَّرَ عَلَيْهِمْ رَجُلاً مِنَ الأَنْصَارِ، وَأَمَرَهُمْ أَنْ يُطِيعُوهُ، فَغَضبَ عَلَيْهِمْ، وَقَالَ: أَلَيْسَ قَدْ أَمَرَ النَّبِـيُّ صلّى الله عليه وسلّم أَنْ تُطِيعُونِي؟ قَالُوا: بَلَى، قَالَ: قَدْ عَزَمْتُ عَلَيْكُمْ لَمَا جَمَعْتُمْ حَطَباً وَأَوْقَدْتُمْ نَاراً، ثُمَّ دَخَلْتُمْ فِيهَا. فَجَمَعُوا حَطَباً، فَأَوْقَدُوا ناراً، فَلَمَّا هَمُّوا بِالدُّخُولِ، فَقَامُوا يَنْظُرُ بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ، قَالَ بَعْضُهُمْ: إِنَّمَا تَبِعْنَا النَّبِـيَّ صلّى الله عليه وسلّم فِرَاراً مِنَ النَّارِ، أَفَنَدْخُلُهَا؟ فَبَيْنَما هُمْ كَذلِكَ إِذْ خَمَدَتِ النَّارُ، وَسَكَنَ غَضَبُهُ، فَذُكِرَ لِلنَّبِـيِّ صلّى الله عليه وسلّم فَقَالَ: (لَوْ دَخَلُوهَا مَا خَرَجُوا مِنْهَا أَبَداً، إِنَّمَا الطَّاعَةُ فِي المَعْرُوفِ).

942 - (ق) عَنْ أَبِـي حُمَيْدٍ السَّاعِدِيِّ: أَنَّ النَّبِـيَّ صلّى الله عليه وسلّم اسْتَعْمَلَ ابْنَ الأُتَبِيَّةِ عَلَى صَدَقَاتِ بَنِي سُلَيْمٍ، فَلَمَّا جاءَ إِلَى رَسُولِ اللهِ صلّى الله عليه وسلّم وَحَاسَبَهُ قَالَ: هَـذَا الَّذِي لَكُمْ، وَهذِهِ هَدِيَّةٌ أُهْدِيَتْ لِي، فَقَالَ رَسُـولُ اللهِ صلّى الله عليه وسلّم: (فَهَـلاَّ جَلَسْتَ في بَيْتِ أَبِيكَ وَبَيْتِ أُمِّـكَ، حَتَّـى تَأْتِيَـكَ هَدِيَّتُـكَ إِنْ كُنْتَ صَادِقـاً) ؟!
ثُمَّ قَامَ رَسُولُ اللهِ صلّى الله عليه وسلّم فَخَطَبَ النَّاسَ، وَحَمِدَ اللهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ، ثُمَّ قالَ: (أَمَّا بَعْدُ؛ فَإِنِّي أَسْتَعْمِلُ رِجَالاً مِنْكُمْ عَلَى أُمُـورٍ مِمَّا وَلاَّنِي اللهُ، فَيَأْتِي أَحَدُكُمْ فَيَقُولُ: هَـذَا لَكُمْ، وَهذِهِ هَدِيَّةٌ أُهْدِيَتْ لِي، فَهَلاَّ جَلَسَ في بَيْتِ أَبِيهِ وَبَيْتِ أُمِّهِ، حَتَّى تَأْتِيَهُ هَدِيَّتُهُ إِنْ كانَ صَادِقاً. فَواللهِ لاَ يَأْخُذُ أَحَدُكُمْ مِنْهَا شَيْئاً ـ قالَ هِشَامٌ: ـ بِغَيْرِ حَقِّهِ، إِلاَّ جاءَ اللهَ يَحْمِلُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، أَلاَ فَلَأَعْرِفَنَّ مَا جَاءَ اللهَ رَجُلٌ بِبِعِيرٍ لَهُ رُغَاءٌ، أَوْ بِبَقَرَةٍ لَهَا خُوَارٌ، أَوْ شَاةٍ تَيْعَرُ).
ثُمَّ رَفَعَ يَدَيْهِ حَتَّى رَأَيْتُ بَيَاضَ إِبْطَيْهِ: (أَلاَ هَلْ بَلَّغْتُ).