الكِتَابُ الثّاني: السيرة النبوية الشريفة

14559 - (مي) عَنِ الْوَضِينِ: أَنَّ رَجُلاً أَتَىٰ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ! إِنَّا كُنَّا أَهْلَ جَاهِلِيَّةٍ وَعِبَادَةِ أَوْثَانٍ، فَكُنَّا نَقْتُلُ الأَوْلاَدَ، وَكَانَتْ عِنْدِي ابْنَةٌ لِي فَلَمَّا أَجَابَتْ، وَكَانَتْ مَسْرُورَةً بِدُعَائِي إِذَا دَعَوْتُهَا، فَدَعَوْتُهَا يَوْماً، فَاتَّبَعَتْنِي، فَمَرَرْتُ حَتَّىٰ أَتَيْتُ بِئْراً مِنْ أَهْلِي غَيْرَ بَعِيدٍ، فَأَخَذْتُ بِيَدِهَا، فَرَدَّيْتُ بِهَا فِي الْبِئْرِ، وَكَانَ آخِرَ عَهْدِي بِهَا أَنْ تَقُولَ: يَا أَبَتَاهُ! يَا أَبَتَاهُ!
فَبَكَىٰ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم حَتَّىٰ وَكَفَ
[1] دَمْعُ عَيْنَيْهِ، فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ مِنْ جُلَسَاءِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم: أَحْزَنْتَ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ لَهُ: (كُفَّ [2] ، فَإِنَّهُ يَسْأَلُ عَمَّا أَهَمَّهُ). ثُمَّ قَالَ لَهُ: (أَعِدْ عَلَيَّ حَدِيثَكَ). فَأَعَادَهُ، فَبَكَىٰ حَتَّىٰ وَكَفَ الدَّمْعُ مِنْ عَيْنَيْهِ عَلَىٰ لِحْيَتِهِ، ثُمَّ قَالَ لَهُ: (إِنَّ اللهَ قَدْ وَضَعَ عَنِ الْجَاهِلِيَّةِ مَا عَمِلُوا، فَاسْتَأْنِفْ عَمَلَكَ).

[مي2]

˜ مرسل، رجاله ثقات.

Similar Hadiths (Atraaf)

[وانظر قول المغيرة: 8492].

14563 - (خ) عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ: أَسْلَمَتِ امْرَأَةٌ سَوْدَاءُ لِبَعْضِ الْعَرَبِ، وَكَانَ لَهَا حِفْشٌ [1] في المَسْجِدِ، قَالَتْ: فَكَانَتْ تَأْتِينَا فَتَحَدَّثُ عِنْدَنَا، فَإِذَا فَرَغَتْ مِنْ حَدِيثِهَا قَالَتْ:
وَيَوْمُ الْوِشَاحِ
[2]
مِنْ تَعَاجِيبِ [3] رَبِّنا
ألا إِنَّهُ مِنْ بَلْدَةِ الْكُفْرِ أَنْجَانِي
فَلَمَّا أَكْثَرَتْ قالَتْ لَهَا عائِشَةُ: وَمَا يَوْمُ الْوِشَاحِ؟ قالَتْ: خَرَجَتْ جَوَيْرِيَةٌ لِبَعْضِ أَهْلِي وَعَلَيْهَا وِشَاحٌ مِنْ أَدَمٍ، فَسَقَطَ مِنْهَا، فَانْحَطَّتْ عَلَيْهِ الحُدَيَّا
[4]
وَهْيَ تَحْسِبُهُ لَحْماً، فَأَخَذَتْهُ، فَاتَّهَمُونِي بِهِ فَعَذَّبُونِي، حَتَّىٰ بَلَغَ مِنْ أَمْرِي أَنَّهُمْ طَلَبُوا في قُبُلِي، فَبَيْنَا هُمْ حَوْلِي وَأَنَا في كَرْبِي، إِذْ أَقْبَلَتِ الحُدَيَّا حَتَّىٰ وَازَتْ بِرُؤُوسِنَا، ثُمَّ أَلْقَتْهُ فَأَخَذُوهُ، فَقُلْتُ لَهُمْ: هذَا الَّذي اتَّهَمْتُمُونِي بِهِ وَأَنَا مِنْهُ بَرِيئةٌ.

[خ3835 (439)]

14565 - (حم) عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنْ مَوْلاَهُ أَنَّهُ حَدَّثَهُ أَنَّهُ كَانَ فِيمَنْ يَبْنِي الْكَعْبَةَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ قَالَ: وَلِي حَجَرٌ أَنَا نَحَتُّهُ بِيَدَيَّ أَعْبُدُهُ مِنْ دُونِ اللهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَىٰ، فَأَجِيءُ بِاللَّبَنِ الْخَاثِرِ الَّذِي أَنْفَسُهُ عَلَىٰ نَفْسِي فَأَصُبُّهُ عَلَيْهِ، فَيَجِيءُ الْكَلْبُ فَيَلْحَسُهُ، ثُمَّ يَشْغَرُ فَيَبُولُ، فَبَنَيْنَا حَتَّىٰ بَلَغْنَا مَوْضِعَ الْحَجَرِ، وَمَا يَرَىٰ الْحَجَرَ أَحَدٌ، فَإِذَا هُوَ وَسْطَ حِجَارَتِنَا مِثْلَ رَأْسِ الرَّجُلِ يَكَادُ يَتَرَاءَىٰ مِنْهُ وَجْهُ الرَّجُلِ، فَقَالَ بَطْنٌ مِنْ قُرَيْشٍ: نَحْنُ نَضَعُهُ، وَقَالَ آخَرُونَ: نَحْنُ نَضَعُهُ، فَقَالُوا: اجْعَلُوا بَيْنَكُمْ حَكَماً، قَالُوا: أَوَّلَ رَجُلٍ يَطْلُعُ مِنَ الْفَجِّ، فَجَاءَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فَقَالُوا: أَتَاكُمُ الأَمِينُ، فَقَالُوا لَهُ؛ فَوَضَعَهُ فِي ثَوْبٍ، ثُمَّ دَعَا بُطُونَهُمْ فَأَخَذُوا بِنَوَاحِيهِ مَعَهُ، فَوَضَعَهُ هُوَ صلى الله عليه وسلم.

[حم15504]

˜ إسناده صحيح، رجاله رجال الشيخين.

Similar Hadiths (Atraaf)

[وانظر في بناء الكعبة: 11106].

14566 - (خ) عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ: إِنَّ أَوَّلَ قَسَامَةٍ كانَتْ فِي الجَاهِلِيَّةِ لَفِينَا بَنِي هَاشِمٍ، كانَ رَجُلٌ مِنْ بَنِي هَاشِمٍ اسْتَأَجَرَهُ رَجُلٌ مِنْ قُرَيْشٍ مِنْ فَخِذٍ أُخْرَىٰ، فَانْطَلَقَ مَعَهُ في إِبِلِهِ، فَمَرَّ رَجُلٌ بِهِ مِنْ بَنِي هَاشِمٍ، قَدِ انْقَطَعَتْ عُرْوَةُ جُوَالِقِهِ، فَقَالَ: أَغِثْنِي بِعِقَالٍ أَشُدُّ بِهِ عُرْوَةَ جُوَالِقِي؛ لاَ تَنْفِرُ الإِبِلُ. فَأَعْطَاهُ عِقَالاً فَشَدَّ بِهِ عُرْوَةَ جُوَالِقِهِ [1] ، فَلَمَّا نَزَلُوا عُقِلَتِ الإِبِلُ إِلاَّ بَعِيراً وَاحَداً، فَقَالَ الَّذِي اسْتَأْجَرَهُ: ما شَأْنُ هَذَا البَعِيرِ لَمْ يُعْقَلْ مِنْ بَيْنِ الإِبِلِ؟ قالَ: لَيْسَ لَهُ عِقَالٌ [2] . قالَ: فَأَيْنَ عِقَالُهُ؟ قَالَ: فَحَذَفَهُ بِعَصاً كانَ فِيهَا أَجَلُهُ، فَمَرَّ بِهِ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْيَمَنِ فَقَالَ: أَتَشْهَدُ المَوْسِمَ؟ [3] قالَ: ما أَشْهَدُ، وَرُبَّمَا شَهِدْتُهُ، قالَ: هَلْ أَنْتَ مُبْلِغٌ عَنِّي رِسَالَةً مَرَّةً مِنَ الدَّهْرِ؟ قالَ: نَعَمْ، قالَ: فَكُنْتَ إِذَا أَنْتَ شَهِدْتَ المَوْسِمَ فَنَادِ: يَا آلَ قُرَيْشٍ! فَإِذَا أَجَابُوكَ فَنَادِ: يَا آلَ بَنِي هَاشِمٍ! فَإِنْ أَجابُوكَ، فَسَلْ عَنْ أَبِي طَالِبٍ فَأَخْبِرْهُ أَنَّ فُلاَناً قَتَلَنِي في عِقَالٍ، وَمَاتَ المُسْتأْجَرُ.
فَلَمَّا قَدِمَ الذِي اسْتَأْجَرَهُ أَتَاهُ أَبُو طَالِبٍ فَقَالَ: ما فَعَلَ صَاحِبُنَا؟ قالَ: مَرِضَ، فَأَحْسَنْتُ الْقِيَامَ عَلَيْهِ، فَوَلِيتُ دَفْنَهُ، قالَ: قَدْ كانَ أَهْلَ ذَاكَ مِنْكَ، فَمَكَثَ حِيناً، ثُمَّ إِنَّ الرَّجُلَ الَّذِي أَوْصَىٰ إِلَيْهِ أَنْ يُبْلِغَ عَنْهُ وَافَىٰ المَوْسِمَ فَقَالَ: يَا آلَ قُرَيْشٍ! قَالُوا: هذِهِ قُرَيْشٌ، قَالَ: يَا آلَ بَنِي هَاشِمٍ! قَالُوا: هذِهِ بَنُو هَاشِمٍ، قالَ: أَيْنَ أَبُو طالِبٍ؟ قالوا: هَذَا أَبُو طَالِبٍ، قالَ: أَمَرَنِي فُلاَنٌ أَنْ أُبْلِغَكَ رِسَالَةً، أَنَّ فُلاَناً قَتَلَهُ في عِقَالٍ.
فَأَتَاهُ أَبُو طَالِبٍ فَقَالَ لَهُ: اخْتَرْ مِنَّا إِحْدَىٰ ثَلاَثٍ: إِنْ شِئْتَ أَنْ تُؤَدِّيَ مِئَةً مِنَ الإِبِلِ فَإِنَّكَ قَتَلْتَ صَاحِبَنَا، وَإِنْ شِئْتَ حَلَفَ خَمْسُونَ مِنْ قَوْمِكَ أَنَّكَ لَمْ تَقْتُلْهُ، فَإِنْ أَبَيْتَ قَتَلْنَاكَ بِهِ، فَأَتَىٰ قَوْمَهُ فَقَالُوا: نَحْلِفُ، فَأَتَتْهُ امْرَأَةٌ مِنْ بَنِي هَاشِمٍ، كانَتْ تَحْتَ رَجُلٍ مِنْهُمْ، قَدْ وَلَدَتْ لَهُ، فَقَالَتْ: يَا أَبَا طَالِبٍ! أُحِبُّ أَنْ تُجِيزَ ابْنِي
[4]
هَذَا بِرَجُلٍ مِنَ الْخَمْسِينَ، وَلاَ تَصْبُرْ يَمِينَهُ [5] حَيْثُ تُصْبَرُ الأَيْمَانُ [6] ، فَفَعَلَ، فَأَتَاهُ رَجُلٌ مِنْهُمْ فَقَالَ: يَا أَبَا طَالِبٍ! أَرَدْتَ خَمْسِينَ رَجُلاً أَنْ يَحْلِفُوا مكانَ مِئَةٍ مِنَ الإِبِلِ، يُصِيبُ كُلَّ رَجُلٍ بَعِيرَانِ، هَذَانِ بَعِيرَانِ، فَاقْبَلْهُمَا عَنِّي وَلاَ تَصْبُرْ يَمِينِي حَيْثُ تُصْبَرُ الأَيْمَانُ، فَقَبِلَهُمَا، وَجَاءَ ثَمَانِيَةٌ وَأَرْبَعُونَ فَحَلَفُوا.
قالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: فَوَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ! ما حالَ الحَوْلُ، وَمِنَ الثَّمَانِيَةِ وَالأَرْبَعِينَ عَيْنٌ تَطْرِفُ.

[خ3845]

Similar Hadiths (Atraaf)

[وانظر بشأَن القسامة: 13112 وما بعده].

14567 - (خ) عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما: أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم لَقِيَ زَيْدَ بْنَ عَمْرِو بْنِ نُفَيْلٍ بِأَسْفَلِ بَلْدَحَ [1] قَبْلَ أَنْ يَنْزِلَ عَلَىٰ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم الْوَحْيُ، فَقُدِّمَتْ إِلَىٰ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم سُفْرَةٌ فَأَبىٰ أَنْ يَأْكُلَ مِنْهَا، ثُمَّ قالَ زَيْدٌ: إِنِّي لَسْتُ آكُلُ مِمَّا تَذْبَحُونَ عَلَىٰ أَنْصَابِكُمْ [2] ، وَلاَ آكُلُ إِلاَّ ما ذُكِرَ اسْمُ اللهِ عَلَيْهِ. وأَنَّ زَيْدَ بْنَ عَمْرٍو كانَ يَعِيبُ عَلَىٰ قُرَيْشٍ ذَبَائِحَهُمْ، وَيَقُولُ: الشَّاةُ خَلَقَهَا اللهُ، وَأَنْزَلَ لَهَا مِنَ السَّمَاءِ المَاءَ، وَأَنْبَتَ لَهَا مِنَ الأَرْضِ، ثُمَّ تَذْبَحُونَهَا عَلَىٰ غَيْرِ اسْمِ اللهِ. إِنْكاراً لِذلِكَ وَإِعْظَاماً لَهُ.
قالَ مُوسىٰ: حَدَّثَنِي سَالِمُ بْنُ عَبْدِ اللهِ، وَلاَ أَعْلَمُهُ إِلاَّ تُحَدِّثَ بِهِ عَنِ ابْنِ عُمَرَ: أَنَّ زَيْدَ بْنَ عَمْرِو بْنِ نُفَيْلٍ خَرَجَ إِلَىٰ الشَّامِ يَسْأَلُ عَنِ الدِّينِ وَيَتَّبِعُهُ، فَلَقِيَ عالِماً مِنَ الْيَهُودِ فَسَأَلَهُ عَنْ دِينِهِمْ فَقَالَ: إِنِّي لَعَلِّي أَنْ أَدِينَ دِينَكمْ فَأَخْبِرْنِي، فَقَالَ: لاَ تَكُونُ عَلَىٰ دِينِنَا حَتَّىٰ تَأَخُذَ بِنَصِيبِكَ مِنْ غَضَبِ اللهِ. قالَ زَيْدٌ: ما أَفِرُّ إِلاَّ مِنْ غَضَبِ اللهِ، وَلاَ أَحْمِلُ مِنْ غَضَبِ اللهِ شَيْئاً أَبَداً، وَأَنَّىٰ أَسْتَطِيعُهُ؟ فَهَلْ تَدُلُّنِي عَلَىٰ غَيْرِهِ؟ قالَ: ما أَعْلَمُهُ إِلاَّ أَنْ يَكُونَ حَنِيفاً. قالَ زَيْدٌ: وَمَا الحَنِيفُ؟ قالَ: دِينُ إِبْرَاهِيمَ، لَمْ يَكُنْ يَهُودِيّاً وَلاَ نَصْرَانِيّاً، وَلاَ يَعْبُدُ إِلاَّ اللهَ.
فَخَرَجَ زَيْدٌ، فَلَقِيَ عالِماً مِنَ النَّصَارَىٰ فَذَكَرَ مِثْلَهُ، فَقَالَ: لَنْ تَكُونَ عَلَىٰ دِينِنَا حَتَّىٰ تَأْخُذَ بَنَصِيبِكَ مِنْ لَعْنَةِ اللهِ، قالَ: ما أَفِرُّ إِلاَّ مِنْ لَعْنَةِ اللهِ، وَلاَ أَحْمِلُ مِنْ لَعْنَةِ اللهِ وَلاَ مِنْ غَضَبِهِ شَيْئاً أَبَداً، وَأَنَّىٰ أَسْتَطِيعُ، فَهَلْ تَدُلُّنِي عَلَىٰ غَيْرِهِ؟ قَالَ: ما أَعْلَمُهُ إِلاَّ أَنْ يَكُونَ حَنِيفاً، قالَ: وَمَا الْحَنِيفُ؟ قالَ: دِينُ إِبْرَاهِيمَ، لَمْ يَكُنْ يَهُودِيّاً وَلاَ نَصْرَانِيّاً، وَلاَ يَعْبُدُ إِلاَّ اللهَ. فَلَمَّا رَأَىٰ زَيْدٌ قَوْلَهُمْ في إِبْرَاهِيمَ عليه السلام خَرَجَ، فَلَمَّا بَرَزَ رَفَعَ يَدَيْهِ فَقَالَ: اللَّهُمَّ! إِنِّي أَشْهَدُ أَنِّي عَلَىٰ دِينِ إِبْرَاهِيمَ.

[خ3826،3827]