45 -
(م) عَنِ النَّوَّاسِ بْنِ سِمْعَانَ قَالَ: ذَكَرَ رَسُولُ اللهِ صلّى الله عليه وسلّم الدَّجَّالَ ذَاتَ غَدَاةٍ، فَخَفَّضَ فِيهِ وَرَفَّعَ
[1]
، حَتَّى ظَنَنَّاهُ فِي طَائِفَةِ النَّخْلِ، فَلَمَّا رُحْنَا إِلَيْهِ عَرَفَ ذَلِكَ فِينَا، فَقَالَ: (مَا شَأْنُكُمْ) ؟ قُلْنَا: يَا رَسُولَ اللهِ، ذَكَرْتَ الدَّجَّالَ غَدَاةً، فَخَفَّضْتَ فِيهِ وَرَفَّعْتَ، حَتَّى ظَنَنَّاهُ فِي طَائِفَةِ النَّخْلِ، فَقَالَ: (غَيْرُ الدَّجَّالِ أَخْوَفُنِي عَلَيْكُمْ؛ إِنْ يَخْرُجْ وَأَنَا فِيكُمْ، فَأَنَا حَجِيجُهُ دُونَكُمْ؛ وَإِنْ يَخْرُجْ وَلَسْتُ فِيكُمْ، فَامْرُؤٌ حَجِيجُ نفْسِه، وَاللهُ خَلِيفَتِي عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ. إِنَّهُ شَابٌّ قَطَطٌ
[2]
، عَيْنُهُ طَافِئَةٌ، كأَنِّي أُشَبِّهُهُ بِعَبْدِ العُزَّى بْنِ قَطَنٍ، فَمَنْ أَدْرَكَهُ مِنْكُمْ؛ فَلْيَقْرَأْ عَلَيْهِ فَوَاتِحَ سُورَةِ الكَهْفِ. إِنَّهُ خَارِجٌ خَلَّةً بَيْنَ الشَّامِ وَالعِرَاقِ
[3]
، فَعَاثَ يَمِيناً وَعَاثَ شِمَالاً
[4]
، يَا عِبَادَ اللهِ! فَاثْبُتُوا).
قُلْنَا: يَا رَسُولَ اللهِ! وَمَا لَبْثُهُ فِي الأَرْضِ؟ قَالَ: (أَرْبَعُونَ يَوْماً، يَوْمٌ كَسَنَةٍ، وَيَوْمٌ كَشَهْرٍ، وَيَوْمٌ كَجُمُعَةٍ، وَسَائِرُ أَيَّامِهِ كَأَيَّامِكُمْ) قُلْنَا: يَا رَسُولَ اللهِ! فَذَلِكَ اليَوْمُ الَّذِي كَسَنَةٍ، أَتَكْفِينَا فِيهِ صَلاَةُ يَوْمٍ؟ قَالَ: (لاَ، اقْدُرُوا لَهُ قَدْرَهُ
[5]
).
قُلْنَا: يَا رَسُولَ اللهِ! وَمَا إِسْرَاعُهُ فِي الأَرْضِ؟ قَالَ: (كَالغَيْثِ اسْتَدْبَرَتْهُ الرِّيحُ، فَيَأْتِي عَلَى القَوْمِ فَيَدْعُوهُمْ، فَيُؤْمِنُونَ بِهِ وَيَسْتَجِيبُونَ لَهُ، فَيَأْمُرُ السَّمَاءَ فَتُمْطِرُ، وَالأَرْضَ فَتُنْبِتُ، فَتَرُوحُ عَلَيْهِمْ سَارِحَتُهُمْ، أَطْوَلَ مَا كَانَتْ ذُراً
[6]
، وَأَسْبَغَهُ ضُرُوعاً، وَأَمَدَّهُ خَوَاصِرَ. ثُمَّ يَأْتِي القَوْمَ، فَيَدْعُوهُمْ، فَيَرُدُّونَ عَلَيْهِ قَوْلَهُ، فَيَنْصَرِفُ عَنْهُمْ، فَيُصْبِحُونَ مُمْحِلِينَ
[7]
لَيْسَ بِأَيْدِيهِمْ شَيْءٌ مِنْ أَمْوَالِهِمْ، وَيَمُرُّ بِالخَرِبَةِ فَيَقُولُ لَهَا: أَخْرِجِي كُنُوزَكِ، فَتَتْبعُهُ كُنُوزُها كَيَعَاسِيبِ النَّحْلِ
[8]
. ثُمَّ يَدْعُو رَجُلاً مُمْتَلِئاً شَبَاباً، فَيَضْرِبُهُ بِالسَّيْفِ، فَيَقْطَعُهُ جَِزْلَتَيْنِ رَمْيَةَ الغَرَضِ
[9]
، ثُمَّ يَدْعُوهُ فَيُقْبِلُ وَيَتَهَلَّلُ وَجْهُهُ، يَضْحَكُ.
فَبَيْنَمَا هُوَ كَذَلِكَ، إِذْ بَعَثَ اللهُ المَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ، فَيَنْزِلُ عِنْدَ المَنَارَةِ البَيْضَاءِ
[10]
شَرْقِيَّ دِمَشْقَ، بَيْنَ مَهْرُودَتَيْنِ
[11]
، وَاضِعاً كَفَّيْهِ عَلَى أَجْنِحَةِ مَلَكَيْنِ، إِذَا طَأْطَأَ رَأْسَهُ قَطَرَ، وَإِذَا رَفَعَهُ تَحَدَّرَ مِنْهُ جُمَانٌ كَاللُّؤْلُؤِ
[12]
، فَلاَ يَحِلُّ
[13]
لِكَافِرٍ يَجِدُ رِيحَ نَفَسِهِ إِلاَّ مَاتَ، وَنَفَسُهُ يَنْتَهِي حَيْثُ يَنْتَهِي طَرْفُهُ، فَيَطْلُبُهُ حَتَّى يُدْرِكَهُ بِبَابِ لُدٍّ
[14]
، فَيَقْتُلُهُ. ثُمَّ يَأْتِي عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ قَوْمٌ قَدْ عَصَمَهُمُ اللهُ مِنْهُ، فَيَمْسَحُ عَنْ وُجُوهِهِمْ
[15]
وَيُحَدِّثُهُمْ بِدَرَجَاتِهِمْ فِي الجَنَّةِ. فَبَيْنَمَا هُوَ كَذَلِكَ إِذْ أَوْحَى اللهُ إِلَى عِيسَى: إِنِّي قَدْ أَخْرَجْتُ عِبَاداً لِي، لاَ يَدَانِ لأَحَدٍ بِقِتَالِهِمْ
[16]
، فَحَرِّزْ عِبَادِي إِلَى الطُّورِ
[17]
.
وَيَبْعَثُ اللهُ يَأْجُوجَ ومَأْجُوجَ، وَهُمْ مِنْ كُلِّ حَدَبٍ يَنْسِلُونَ
[18]
، فَيَمُرُّ أَوَائِلُهُمْ عَلَى بُحَيْرَةِ طَبَرِيَّةَ، فَيَشْرَبُونَ مَا فِيهَا، وَيَمُرُّ آخِرُهُمْ فَيَقُولُونَ: لَقَدْ كَانَ بِهَذِهِ مَرَّةً مَاءٌ. وَيُحْصَرُ نَبِيُّ اللهِ عِيسَى وَأَصْحَابُهُ، حَتَّى يَكُونَ رأْسُ الثَّوْرِ لأَحَدِهِمْ خَيْراً مِنْ مِائَةٍ دِينَارٍ لأَحَدِكُمُ اليَوْمَ، فَيَرْغَبُ نَبِيُّ اللهِ
[19]
عِيسَى وَأَصْحَابُهُ، فَيُرْسِلُ اللهُ عَلَيْهِمُ النَّغَفَ
[20]
فِي رِقَابِهِمْ، فَيُصْبِحُونَ فَرْسَى
[21]
كَمَوْتِ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ.
ثُمَّ يَهْبِطُ نَبِيُّ اللهِ عِيسَى وَأَصْحَابُهُ إِلَى الأَرْضِ، فَلاَ يَجِدُونَ فِي الأَرْضِ مَوْضِعَ شِبْرٍ إِلاَّ مَلأَهُ زَهَمُهُمْ
[22]
وَنَتْنُهُمْ، فَيَرْغَبُ نَبِيُّ اللهِ عِيسَى وَأَصْحَابُهُ إِلَى اللهِ، فَيُرْسِلُ اللهُ طَيْراً كَأَعْنَاقِ البُخْتِ
[23]
، فَتَحْمِلُهُمْ فَتَطْرَحُهُمْ حَيْثُ شَاءَ اللهُ، ثُمَّ يُرْسِلُ اللهُ مَطَراً لاَ يَكُنُّ
[24]
مِنْهُ بَيْتُ مَدَرٍ
[25]
وَلاَ وَبَرٍ، فَيَغْسِلُ الأَرْضَ حَتَّى يَتْرُكَهَا كَالزَّلَفَةِ
[26]
، ثُمَّ يُقَالُ لِلأَرْضِ: أَنْبِتي ثَمَرَتَكِ، وَرُدِّي بَرَكَتَكِ، فَيَوْمَئِذٍ تَأْكُلُ العِصَابَةُ
[27]
مِنَ الرُّمَّانَةِ، وَيَسْتَظِلُّونَ بِقِحْفِهَا
[28]
، وَيُبَارَكُ فِي الرِّسْلِ
[29]
، حَتَّى أَنَّ اللِّقْحَةَ
[30]
مِنَ الْإِبِلِ لَتَكْفِي الفِئَامَ
[31]
مِنَ النّاسِ، وَاللِّقْحَةَ مِنَ البَقَرِ لَتَكْفِي القَبِيلَةَ مِنَ النَّاسِ، وَاللِّقْحَةَ مِنَ الغَنَمِ لَتَكْفِي الفَخِذَ مِنَ النَّاسِ
[32]
. فَبَيْنَمَا هُمْ كَذَلِكَ إِذْ بَعَثَ اللهُ رِيحاً طَيِّبَةً، فَتَأْخُذُهُمْ تَحْتَ آبَاطِهِمْ، فَتَقْبِضُ رُوحَ كُلِّ مُؤْمِنٍ وَكُلِّ مُسْلِمٍ، وَيَبْقَى شِرَارُ النَّاسِ، يَتَهَارَجُونَ فِيهَا تَهَارُجَ الحُمُرِ
[33]
، فَعَلَيْهِمْ تَقُومُ السَّاعَةُ).
[م2937]