الكِتَابُ الثّاني: الطلاق وأَحكام مفارقة الزوجة

716 - عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما في هَذِهِ الآيَةِ: {لاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِنْ طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ} [البقرة: 236] قَالَ: هُوَ الرَّجُلُ يَتَزَوَّجُ الْمَرْأَةَ وَلَمْ يُسَمِّ لَهَا صَدَاقاً، ثُمَّ طَلَّقَهَا مِنْ قَبْلِ أَنْ يَنْكِحَهَا، فَأَمَرَ الله تَعَالَى أَنْ يُمَتِّعَهَا عَلَى قَدْرِ يُسْرِهِ وَعُسْرِهِ، فَإِنْ كَانَ مُوسِراً، مَتَّعَهَا بِخَادِمٍ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ، وَإِنْ كَانَ مُعْسِراً، فَبِثَلاَثَةِ أَثْوَابٍ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ.

قال تعالى: {لاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِنْ طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ مَا لَمْ تَمَسُّوهُنَّ أَوْ تَفْرِضُوا لَهُنَّ فَرِيضَةً وَمَتِّعُوهُنَّ عَلَى الْمُوسِعِ قَدَرُهُ وَعَلَى الْمُقْتِرِ قَدَرُهُ مَتَاعًا بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُحْسِنِينَ *}. [البقرة:236]

718 - (ق) عَنْ أَبِي سَلَمَةَ قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى ابْنِ عَبَّاسٍ، وَأَبُو هُرَيْرَةَ جَالِسٌ عِنْدَهُ، فَقَالَ: أَفْتِنِي فِي امْرَأَةٍ وَلَدَتْ بَعْدَ زَوْجِهَا بِأَرْبَعِينَ لَيْلَةً؟ فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: آخِرُ الأَجَلَيْنِ، قُلْتَ أَنَا: {وَأُولاَتُ الأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ} [الطلاق:4].
قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: أَنَا مَعَ ابْنِ أَخِي ـ يَعْنِي: أَبَا سَلَمَةَ ـ، فَأَرْسَلَ ابْنُ عَبَّاسٍ غُلاَمَهُ كُرَيْباً إِلَى أُمِّ سَلَمَةَ يَسْأَلُهَا، فَقَالَتْ: قُتِلَ زَوْجُ سُبَيْعَةَ الأَسْلَمِيَّةِ وَهِيَ حُبْلَى، فَوَضَعَتْ بَعْدَ مَوْتِهِ بِأَرْبَعِينَ لَيْلَةً، فَخُطِبَتْ، فَأَنْكَحَهَا رَسُولُ اللهِ صلّى الله عليه وسلّم، وكانَ أَبُو السَّنَابِلِ فِيمَنْ خَطَبَهَا.

قال تعالى: {وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا}. [البقرة:234]
وقال تعالى: {وَأُولاَتُ الأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ *}. [الطلاق:4]

720 - (ق) عَنْ زَيْنَبَ بِنْتِ أَبِي سَلَمَةَ قَالَتْ: لَمَّا جاءَ نَعْيُ [1] أَبِي سُفْيَانَ مِنَ الشَّامِ، دَعَتْ أُمُّ حَبِيبَةَ رضي الله عنها بِصُفْرَةٍ [2] في الْيَوْمِ الثَّالِثِ، فَمَسَحَتْ عارِضَيْهَا [3] وَذِرَاعَيْهَا، وَقَالَتْ: إِنِّي كُنْتُ عَنْ هذَا لَغَنِيَّةً، لَوْلاَ أَنِّي سَمِعْتُ النَّبِيَّ صلّى الله عليه وسلّم يَقُولُ: (لاَ يَحِلُّ لاِمْرَأَةٍ تُؤْمِنُ بالله وَالْيَوْمِ الآخِرِ، أَنْ تُحِدَّ [4] عَلَى مَيِّتٍ فَوْقَ ثَلاَثٍ؛ إِلاَّ عَلَى زَوْجٍ، فَإِنَّهَا تُحِدُّ عَلَيْهِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْراً).

722 - عَنْ سَلَمَةَ بْنِ صَخْرٍ الْبَيَاضِيِّ، عَنِ النَّبِيِّ صلّى الله عليه وسلّم فِي الْمُظَاهِرِ يُوَاقِعُ قَبْلَ أَنْ يُكَفِّرَ، قَالَ: (كَفَّارَةٌ وَاحِدَةٌ).

قال تعالى: {وَالَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَآسَّا ذَلِكُمْ تُوعَظُونَ بِهِ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ *فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَآسَّا فَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَإِطْعَامُ سِتِّينَ مِسْكِيناً ذَلِكَ لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ أَلِيمٌ *}. [المجادلة:3، 4]

[ت1198/ جه2064]

* صحيح.

723 - (خ) عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ: جاءَتِ امْرَأَةُ ثَابِتِ بْنِ قَيْسِ بْنِ شمَّاسٍ إِلَى النَّبِيِّ صلّى الله عليه وسلّم فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ الله، ما أَنْقِمُ عَلَى ثَابِتٍ في دِينٍ وَلاَ خُلُقٍ؛ إِلاَّ أَنِّي أَخافُ الْكُفْرَ [1] ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلّى الله عليه وسلّم: (فَتَرُدِّينَ عَلَيْهِ حَدِيقَتَهُ) ؟ فَقَالَتْ: نَعَمْ، فَرَدَّتْ عَلَيْهِ، وَأَمَرَهُ فَفَارَقَهَا.

قال تعالى: {فَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ *}. [البقرة:229]