الكِتَابُ الثّالِث: الإِيمان بالقدر

قال تعالى: {إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ *}. [القمر:49] وقال تعالى: {وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ فَقَدَّرَهُ تَقْدِيرًا}. [الفرقان:2] وقال تعالى: {مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الأَرْضِ وَلاَ فِي أَنْفُسِكُمْ إِلاَّ فِي كِتَابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا}. [الحديد:22] وقال تعالى: {قُلْ لَنْ يُصِيبَنَا إِلاَّ مَا كَتَبَ اللَّهُ لَنَا}. [التوبة:51] وقال تعالى: {قُلْ لَوْ كُنْتُمْ فِي بُيُوتِكُمْ لَبَرَزَ الَّذِينَ كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقَتْلُ إِلَى مَضَاجِعِهِمْ}. [آل عمران:154]

249 - عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلّى الله عليه وسلّم: (لاَ يُؤْمِنُ عَبْدٌ حَتَّى يُؤْمِنَ بِالقَدَرِ خَيْرِهِ وَشَرِّهِ، حَتَّى يَعْلَمَ أَنَّ مَا أَصَابَهُ لَمْ يَكُنْ لِيُخْطِئَهُ، وَأَنَّ مَا أَخْطَأَهُ لَمْ يَكُنْ لِيُصِيبَهُ) .

251 - عَن عَبْدِ الله بْنِ فَيْروز الدَّيْلَمِيِّ قَالَ: أَتَيْتُ أُبَيَّ بْنَ كَعْبٍ فَقُلْتُ لَهُ: وَقَعَ فِي نَفْسِي شَيْءٌ مِنَ القَدَرِ، فَحَدِّثْنِي بِشَيْءٍ لَعَلَّ اللهَ أَنْ يُذْهِبَهُ مِنْ قَلْبِي، فقَالَ: لَوْ أَنَّ اللهَ عَذَّبَ أَهْلَ سَمَاوَاتِهِ وَأَهْلَ أَرْضِهِ، عَذَّبَهُمْ وَهُوَ غَيْرُ ظَالِمٍ لَهُمْ، وَلَوْ رَحِمَهُمْ كَانَتْ رَحْمَتُهُ خَيْراً لَهُمْ مِنْ أَعْمَالِهِمْ، وَلَوْ أَنْفَقْتَ مِثْلَ أُحُدٍ ذَهَباً فِي سَبِيلِ اللهِ، مَا قَبِلَهُ اللهُ مِنْكَ حَتَّى تُؤْمِنَ بِالقَدَرِ، وَتَعْلَمَ أَنَّ مَا أَصَابَكَ لَمْ يَكُنْ لِيُخْطِئَكَ، وَأَنَّ مَا أَخْطَأَكَ لَمْ يَكُنْ لِيُصِيبَكَ، وَلَوْ مُتَّ عَلَى غَيْرِ هَذَا لَدَخَلْتَ النَّارَ.
قَالَ: ثُمَّ أَتَيْتُ عَبْدَ اللهِ بْنَ مَسْعُودٍ، فَقَالَ مِثْلَ ذَلِكَ، قَالَ: ثُمَّ أَتَيْتُ حُذَيْفَةَ بْنَ اليَمَانِ، فَقَالَ مِثْلَ ذَلِكَ، قَالَ: ثُمَّ أَتَيْتُ زَيْدَ بْنَ ثَابِتٍ فَحَدَّثَنِي عَن النَّبِيِّ صلّى الله عليه وسلّم مِثْلَ ذَلِكَ.

253 - (م) عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلّى الله عليه وسلّم: (خُلِقَتِ المَلاَئِكَةُ مِنْ نُورٍ، وَخُلِقَ الجَانُّ مِنْ مَارِجٍ [1] مِنْ نَارٍ، وَخُلِقَ آدَمُ ممَّا وُصِفَ لَكُمْ) .

ئائىشە رەزىيەللاھۇ ئەنھا رىۋايەت قىلغان ھەدىستە، رەسۇلۇللاھ سەللەللاھۇ ئەلەيھى ۋەسەللەم مۇنداق دېگەن: پەرىشتىلەر نۇردىن يارىتىلغان، جىنلار ئوتنىڭ يالقۇنىدىن يارىتىلغان، ئادەم بولسا سىلەرگە سۈپەتلەپ بېرىلگەن نەرسىدىن«يەنى لايدىن» يارىتىلغان

254 - (م) عَنْ أَنَسٍ: أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلّى الله عليه وسلّم قَالَ: (لَمَّا صَوَّرَ اللهُ آدَمَ فِي الجَنَّةِ تَرَكَهُ مَا شَاءَ اللهُ أَنْ يَتْرُكَهُ، فَجَعَلَ إِبْلِيسُ يُطِيفُ بِهِ [1] ، يَنْظُرُ مَا هُوَ، فَلَمَّا رَآهُ أَجْوَفَ [2] عَرَفَ أَنَّهُ خُلِقَ خَلْقاً لاَ يَتَمَالَكُ [3] ) .

ئەنەس ئىبنى مالىك رەزىيەللاھۇ ئەنھۇدىن رەسۇلۇللاھ سەللەللاھۇ ئەلەيھى ۋەسەللەمنىڭ مۇنداق دېگەنلىكىنى رىۋايەت قىلىندى: ئاللاھ ئادەم ئەلەيھىسسالامنى جەننەتتە شەكىلگە كىرگۈزگەندە، ئۇنى بىر مۇددەت شۇ پېتى قويۇپ قويدى. شۇ ۋاقىتتا شەيتان: «بۇ نېمىدۇ؟» دەپ قاراپ، ئۇنىڭ ئەتراپىدا ئايلىنىپ يۈرۈشكە باشلىدى، ئۇنىڭ ئىچىنىڭ كاۋاكلىقىنى كۆرگەندە، ئۇنىڭ ئۆزىگە ئىگە بولالمايدىغان خاراكتىردە يارىتىلغانلىقىنى بىلىپ يەتتى

256 - عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلّى الله عليه وسلّم: (لَمَّا خَلَقَ اللهُ آدَمَ وَنَفَخَ فِيهِ الرُّوحَ، عَطَسَ، فَقَالَ: الحَمْدُ لِلَّهِ، فَحَمِدَ اللهَ بِإِذْنِهِ، فَقَالَ لَهُ رَبُّهُ: يَرْحَمُكَ اللهُ يَا آدَمُ! اذْهَبْ إِلَى أُولَئِكَ المَلاَئِكَةِ ـ إِلَى مَلإٍَ مِنْهُمْ جُلُوسٍ ـ فَقُلْ: السَّلاَمُ عَلَيْكُمْ، قَالُوا: وَعَلَيْكَ السَّلاَمُ وَرَحْمَةُ اللهِ، ثُمَّ رَجَعَ إِلَى رَبِّهِ، فَقَالَ: إِنَّ هَذِهِ تَحِيَّتُكَ وَتَحِيَّةُ بَنِيكَ بَيْنَهُمْ. فَقَالَ اللهُ لَهُ وَيَدَاهُ مَقْبُوضَتَانِ: اخْتَرْ أَيَّهُمَا شِئْتَ، قَالَ: اخْتَرْتُ يَمِينَ رَبِّي ـ وَكِلْتَا يَدَيْ رَبِّي يَمِينٌ مُبَارَكَةٌ ـ ثُمَّ بَسَطَهَا فَإِذَا فِيهَا آدَمُ وَذُرِّيَّتُهُ، فَقَالَ: أَيْ رَبِّ مَا هَؤُلاَءِ؟ فَقَالَ: هَؤُلاَءِ ذُرِّيَّتُكَ، فَإِذَا كُلُّ إِنْسَانٍ مَكْتُوبٌ عُمْرُهُ بَيْنَ عَيْنَيْهِ، فَإِذَا فِيهِمْ رَجُلٌ أَضْوَؤُهُمْ ـ أَوْ مِنْ أَضْوَئِهِمْ ـ قَالَ: يَا رَبِّ! مَنْ هَذَا؟ قَالَ: هَذَا ابْنُكَ دَاوُدُ قَدْ كَتَبْتُ لَهُ عُمْرَ أَرْبَعِينَ سَنَةً، قَالَ: يَا رَبِّ! زِدْهُ فِي عُمْرِهِ، قَالَ: ذَاكَ الَّذِي كَتَبْتُ لَهُ. قَالَ: أَيْ رَبِّ، فَإِنِّي قَدْ جَعَلْتُ لَهُ مِنْ عُمْرِي سِتِّينَ سَنَةً، قَالَ: أَنْتَ وَذَاكَ. قَالَ: ثُمَّ أُسْكِنَ الجَنَّةَ مَا شَاءَ اللهُ، ثُمَّ أُهْبِطَ مِنْهَا، فَكَانَ آدَمُ يَعُدُّ لِنَفْسِهِ، قَالَ: فَأَتَاهُ مَلَكُ المَوْتِ، فَقَالَ لَهُ آدَمُ: قَدْ عَجَّلْتَ، قَدْ كُتِبَ لِي ألْفُ سَنَةٍ. قَالَ: بَلَى وَلَكِنَّكَ جَعَلْتَ لاِبْنِكَ دَاوُدَ سِتِّينَ سَنَةً، فَجَحَدَ فَجَحَدَتْ ذُرِّيَّتُهُ، وَنَسِيَ فَنَسِيَتْ ذُرِّيَّتُهُ. قَالَ: فَمِنْ يَوْمِئِذٍ أُمِرَ بِالكِتَابِ وَالشُّهُودِ) .

[ت3368]

* حسن صحيح.

الأطراف

[وانظر: 2090 ذكر العرش. وانظر: 3541 في خلق آدم] .

259 - عَنْ سَبْرَةَ بْنِ أَبِي فَاكِهٍ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلّى الله عليه وسلّم يَقُولُ: (إِنَّ الشَّيْطَانَ قَعَدَ لاِبْنِ آدَمَ بِأَطْرُقِهِ، فَقَعَدَ لَهُ بِطَرِيقِ الْإِسْلاَمِ، فَقَالَ: تُسْلِمُ وَتَذَرُ دِينَكَ وَدِينَ آبَائِكَ وَآبَاءِ أَبِيكَ؟ فَعَصَاهُ فَأَسْلَمَ. ثُمَّ قَعَدَ لَهُ بِطَرِيقِ الهِجْرَةِ، فَقَالَ: تُهَاجِرُ وَتَدَعُ أَرْضَكَ وَسَمَاءَكَ، وَإِنَّمَا مَثَلُ المُهَاجِرِ كَمَثَلِ الفَرَسِ فِي الطِّوَلِ؟ فَعَصَاهُ فَهَاجَرَ. ثُمَّ قَعَدَ لَهُ بِطَرِيقِ الجِهَادِ فَقَالَ: تُجَاهِدُ، فَهُوَ جَهْدُ النَّفْسِ وَالمَالِ، فَتُقَاتِلُ فَتُقْتَلُ، فَتُنْكَحُ المَرْأَةُ وَيُقْسَمُ المَالُ؟ فَعَصَاهُ فَجَاهَدَ) .
فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلّى الله عليه وسلّم: (فَمَنْ فَعَلَ ذَلِكَ، كَانَ حَقّاً عَلَى اللهِ عزّ وجل أَنْ يُدْخِلَهُ الجَنَّةَ، وَمَنْ قُتِلَ كَانَ حَقّاً عَلَى اللهِ عزّ وجل أَنْ يُدْخِلَهُ الجَنَّةَ، وَإِنْ غَرِقَ كَانَ حَقّاً عَلَى اللهِ أَنْ يُدْخِلَهُ الجَنَّةَ، أَوْ وَقَصَتْهُ دَابَّتُهُ كَانَ حَقّاً عَلَى اللهِ أَنْ يُدْخِلَهُ الجَنَّةَ) .

[ن3134]

* صحيح.

الأطراف

[وانظر: 3777 في إسلام شيطان النبي صلّى الله عليه وسلّم. وانظر: 1871، 3408 في أن الشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم] .

260 - (ق) عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه قَالَ: حَدَّثَنَا رَسُولُ اللهِ صلّى الله عليه وسلّم وَهْوَ الصَّادَقُ المَصْدُوقُ: (إِنَّ خَلْقَ أَحَدِكُمْ يُجْمَعُ في بَطْنِ أُمِّهِ أَرْبَعِينَ يَوماً وَأَرْبَعِينَ لَيْلَةً، ثُمَّ يَكُونُ عَلَقَةً [1] مِثْلَهُ، ثمَّ يَكونُ مُضْغَةً [2] مِثْلَهُ، ثُمَّ يُبْعَثُ إِلَيْهِ المَلَكُ، فَيُؤْذَنُ بِأَرْبَعِ كَلِمَاتٍ، فَيَكْتُبُ: رِزْقَهُ، وَأَجَلَهُ، وَعَمَلَهُ، وَشَقِيٌّ أَمْ سَعِيدٌ، ثُمَّ يَنْفُخُ فِيهِ الرُّوحَ، فَإِنَّ أَحَدكُمْ لَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أَهْلِ الجَنَّةِ حَتَّى لاَ يَكُونَ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ إِلاَّ ذِرَاعٌ، فَيَسْبِقُ عَلَيْهِ الكِتَابُ، فَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أَهْلِ النَّارِ فَيَدْخُلُ النَّارَ. وَإِن أَحَدَكُمْ لَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أَهْلِ النَّارِ، حَتَّى مَا يَكُونَ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ إِلاَّ ذِرَاعٌ، فَيَسْبِقُ عَلَيْهِ الكِتَابُ، فَيَعْمَلُ عَمَلَ أَهْلِ الجَنَّةِ فَيَدْخُلُهَا) .

262 - (م) عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: قَالَتْ أُمُّ حَبِيبَةَ: اللَّهُمَّ! مَتِّعْنِي بِزَوْجِي رَسُولِ اللهِ صلّى الله عليه وسلّم، وَبِأَبِي أَبِي سُفْيَانَ، وَبِأَخِي مُعَاوِيَةَ. فَقَالَ لَهَا رَسُولُ اللهِ صلّى الله عليه وسلّم: (إِنَّكِ سَألْتِ اللهَ لآجَالٍ مَضْرُوبَةٍ، وَآثَارٍ مَوْطُوءَةٍ، وَأَرْزَاقٍ مَقْسُومَةٍ، لاَ يُعَجِّلُ شَيْئاً مِنْهَا قَبْلَ حِلِّهِ [1] ، وَلاَ يُؤخِّرُ مِنْهَا شَيْئاً بَعْدَ حِلِّهِ، وَلَوْ سَألْتِ اللهَ أَنْ يُعَافِيَكِ مِنْ عَذَابٍ فِي النَّارِ، وَعَذَاب فِي القَبْرِ، لَكَانَ خَيْراً لَكِ) . قَالَ: فَقَالَ رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللهِ! القِرَدَةُ وَالخَنَازِيرُ هِيَ مِمَّا مُسِخَ؟ فَقَالَ النَّبِيُّ صلّى الله عليه وسلّم: (إِنَّ اللهَ عزّ وجل لَمْ يُهْلِكْ قَوْماً، أَوْ يُعَذِّبْ قَوْماً، فَيَجْعَلَ لَهُمْ نَسْلاً، وَإِنَّ القِرَدَةَ وَالخَنَازيرَ كَانَوا قَبْلَ ذَلِكَ) .

263 - (ق) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صلّى الله عليه وسلّم: (ما مِنْ مَوْلُودٍ إِلاَّ يُولَدُ عَلَى الفِطْرَةِ [1] ، فَأَبَوَاهُ يُهَوِّدَانِهِ أَوْ يُنَصِّرَانِهِ، أَوْ يُمَجِّسَانِهِ، كما تُنْتَجُ البَهِيمَةُ [2] بَهِيمَةً جَمْعَاءَ، هَلْ تُحِسُّونَ فِيهَا مِنْ جَدْعَاءَ) ، ثُمَّ يَقُولُ أَبُو هُرَيْرَةَ رضي الله عنه: {فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا} الآيَةَ [الروم:30] .