الكِتَابُ الثّاني عَشَر: الحج والعمرة

523 - (م) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: خَطَبَنَا رَسُولُ اللهِ صلّى الله عليه وسلّم فَقَالَ: (أَيُّهَا النَّاسُ! قَدْ فَرَضَ اللهُ عَلَيْكُمُ الْحَجَّ؛ فَحُجُّوا)، فَقَالَ رَجُلٌ: أَكُلَّ عَامٍ؟ يَا رَسُولَ اللهِ! فَسَكَتَ، حَتَّى قَالَها ثَلاَثاً. فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلّى الله عليه وسلّم: (لَوْ قُلْتُ: نَعَمْ، لَوَجَبَتْ، وَلَمَا اسْتَطَعْتُمْ). ثُمَّ قَالَ: (ذَرُونِي مَا تَرَكْتُكُمْ، فَإِنَّمَا هَلَكَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ بِكَثْرَةِ سُؤالِهِمْ وَاخْتِلاَفِهِمْ عَلَى أَنْبِيَائِهِمْ، فَإِذَا أَمْرَتُكُمْ بِشَيْءٍ؛ فَأْتُوا مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُمْ، وَإِذَا نَهَيْتُكُمْ عَنْ شَيْءٍ؛ فَدَعُوهُ).

قال تعالى: {وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ}. [آل عمران:97]
وقال تعالى: {وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالَعُمْرَةَ لِلَّهِ}. [البقرة:196]

525 - (ق) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلّى الله عليه وسلّم: (مَنْ حَجَّ هَذَا الْبَيْتَ، فَلَمْ يَرْفُثْ [1] ، ولَمْ يَفْسُقْ [2] ، رَجَعَ كَمَا وَلَدَتْهُ أُمُّهُ).

قال تعالى: {إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكًا وَهُدىً لِلْعَالَمِينَ *فِيهِ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ مَقَامُ إِبْرَاهِيمَ وَمَنْ دَخَلَهُ كَانَ آمِناً وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ *}. [آل عمران:96، 97]
وقال تعالى: {وَإِذْ جَعَلْنَا الْبَيْتَ مَثَابَةً لِلنَّاسِ وَأَمْناً}. [البقرة:125]

529 - (ق) عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما: أَنَّ رَجُلاً قَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ! مَا يَلْبَسُ الْمُحْرِمُ مِنَ الثِّيَابِ؟ قَالَ رَسُولِ اللهِ صلّى الله عليه وسلّم: (لا يَلْبَسُ الْقُمُصَ [1] ، وَلاَ الْعَمَائِمَ، وَلاَ السَّرَاوِيلاَتِ [2] ، وَلاَ الْبَرَانِسَ [3] ، وَلاَ الْخِفَافَ [4] ؛ إِلاَّ أَحَدٌ لاَ يَجِدُ نَعْلَيْنِ، فَلْيَلْبَسْ خُفَّيْنِ، وَلْيَقْطَعْهُمَا أَسْفَلَ مِنَ الْكَعْبَيْنِ، وَلاَ تَلْبَسُوا مِنَ الثِّيَابِ شَيْئاً مَسَّهُ الزَّعْفَرَانُ، أَوْ وَرْسٌ [5] ).

530 - (ق) عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ حُنَيْنٍ: أَنَّ عَبْدَ اللهِ بْنَ الْعَبَّاسِ وَالمِسْوَرَ بْنَ مَخْرَمَةَ اخْتَلَفَا بِالأَبْوَاءِ [1] ، فَقَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ عَبَّاسٍ: يَغْسِلُ الْمُحْرِمُ رَأْسَهُ، وَقَالَ الْمِسْوَرُ: لاَ يَغْسِلُ الْمُحْرِمُ رَأْسَهُ، فَأَرْسَلَنِي عَبْدُ اللهِ بْنُ الْعَبَّاسِ إِلَى أَبِي أَيُّوبَ الأَنْصارِيِّ، فَوَجَدْتُهُ يَغْتَسِلُ بَيْنَ الْقَرْنَينِ [2] ، وَهُوَ يُسْتَرُ بِثَوبٍ، فَسَلَّمتُ علَيْهِ، فَقَالَ: مَنْ هذَا؟ فَقُلْتُ: أَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ حُنَينٍ، أَرْسَلَنِي إِلَيْكَ عَبْدُ اللهِ بنُ العَبَّاسِ، أَسْأَلُكَ كَيْفَ كَانَ رَسُولُ اللهِ صلّى الله عليه وسلّم يَغْسِلُ رَأْسَهُ وَهُوَ مُحْرِمٌ؟ فَوَضَعَ أَبُو أَيُوبَ يَدَهُ عَلَى الثَّوبِ فَطَأْطَأَهُ حَتَّى بَدَا لِي رَأْسُهُ، ثُمَّ قَالَ لإِنْسَانٍ يَصُبُّ عَلَيْهِ: اصْبُبْ، فَصَبَّ عَلَى رَأْسِهِ، ثُمَّ حَرَّكَ رَأْسَهُ بِيَدَيْهِ فَأَقْبَلَ بِهِمَا وَأَدْبَرَ، وَقَالَ: هَكَذَا رَأَيْتُهُ صلّى الله عليه وسلّم يَفْعَلُ.

532 - (ق) عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ مَعْقِلٍ قَالَ: قَعَدْتُ إِلَى كَعْبِ بنِ عُجْرَةَ في هذَا المَسْجِدِ ـ يَعْنِي: مَسْجِدَ الكُوْفَةِ ـ فَسَأَلْتُهُ عَنْ: {فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ} [البقرة: 196] ؟ فَقَالَ: حُمِلْتُ إِلَى النَّبِيِّ صلّى الله عليه وسلّم وَالْقَمْلُ يَتَنَاثَرُ عَلَى وَجْهِي، فَقَالَ: (مَا كُنْتُ أُرَى أَنَّ الجَهْدَ قَدْ بَلَغَ بِكَ هَذَا، أَمَا تَجِدُ شَاةً) ؟ قُلْتُ: لاَ، قَالَ: (صُمْ ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ، أَوْ أَطْعِمْ سِتَّةَ مَسَاكِينَ لِكُلِّ مِسْكِينٍ نِصْفُ صَاعٍ مِنْ طَعَامٍ، وَاحْلِقْ رَأْسَكَ). فَنَزَلَتْ فِيَّ خَاصَّةً، وَهِيَ لَكُمْ عامَّةً.

قال تعالى: {وَلاَ تَحْلِقُوا رُؤُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ بِهِ أَذىً مِنْ رَأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ *}. [البقرة:196]

535 - (ق) عَنِ ابنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قالَ: كَانُوا يَرَوْنَ أَنَّ الْعُمْرَةَ في أشْهُرِ الحَجِّ مِنْ أَفْجَرِ الْفُجُورِ في الأرْضِ، وَيَجْعَلُونَ الْمُحَرَّمَ صَفَراً [1] ، وَيَقُولُونَ: إِذَا بَرَا الدَّبَرْ [2] ، وَعَفَا الأَثَرْ [3] ، وَانْسَلَخَ صَفَرْ، حَلَّتِ العُمْرَةُ لمنِ اعْتَمَرَ. قَدِمَ النَّبِيُّ صلّى الله عليه وسلّم وَأَصْحَابُهُ صَبِيحَةَ رَابِعَةٍ مُهِلِّينَ بِالحَجِّ، فَأَمَرَهُمْ أَنْ يَجَعَلُوهَا عُمْرَةً، فَتَعَاظَمَ ذلِكَ عِنْدَهُمْ، فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ، أَيُّ الْحِلِّ؟ قَالَ: (حِلٌّ كُلُّه).

قال تعالى: {فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ *}. [البقرة:196]