الكِتَابُ الثّالِث: الإِيمان بالقدر

760 - (د جه) عَن ابْنِ الدَّيْلَمِيِّ قَالَ: أَتَيْتُ أُبَيَّ بْنَ كَعْبٍ فَقُلْتُ لَهُ: وَقَعَ فِي نَفْسِي شَيْءٌ مِنَ القَدَرِ، فَحَدِّثْنِي بِشَيْءٍ لَعَلَّ اللهَ أَنْ يُذْهِبَهُ مِنْ قَلْبِي، فقَالَ: لَوْ أَنَّ اللهَ عَذَّبَ أَهْلَ سَمَاوَاتِهِ وَأَهْلَ أَرْضِهِ، عَذَّبَهُمْ وَهُوَ غَيْرُ ظَالِمٍ لَهُمْ، وَلَوْ رَحِمَهُمْ كَانَتْ رَحْمَتُهُ خَيْراً لَهُمْ مِنْ أَعْمَالِهِمْ، وَلَوْ أَنْفَقْتَ مِثْلَ أُحُدٍ ذَهَباً فِي سَبِيلِ اللهِ مَا قَبِلَهُ اللهُ مِنْكَ حَتَّىٰ تُؤْمِنَ بِالقَدَرِ، وَتَعْلَمَ أَنَّ مَا أَصَابَكَ لَمْ يَكُنْ لِيُخْطِئَكَ، وَأَنَّ مَا أَخْطَأَكَ لَمْ يَكُنْ لِيُصِيبَكَ، وَلَوْ مُتَّ عَلَىٰ غَيْرِ هَذَا لَدَخَلْتَ النَّارَ.
قَالَ: ثُمَّ أَتَيْتُ عَبْدَ اللهِ بْنَ مَسْعُودٍ فَقَالَ مِثْلَ ذَلِكَ، قَالَ: ثُمَّ أَتَيْتُ حُذَيْفَةَ بْنَ اليَمَانِ، فَقَالَ مِثْلَ ذَلِكَ، قَالَ: ثُمَّ أَتَيْتُ زَيْدَ بْنَ ثَابِتٍ فَحَدَّثَنِي عَن النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم... مِثْلَ ذَلِكَ.
▫ وقع عند ابن ماجه رفعُ الحديثِ من روايةِ زيد بن ثابت خاصّةً.

761 - ▫ ولفظ الترمذي: عن عَبْدِ الوَاحِدِ بْنِ سُلَيْمٍ قَالَ: قَدِمْتُ مَكَّةَ، فَلَقِيتُ عَطَاءَ بْنَ أَبِي رَبَاحٍ، فَقُلْتُ لَهُ: يَا أَبَا مُحَمَّدٍ! إِنَّ أَهْلَ البَصْرَةِ يَقُولُونَ فِي القَدَرِ، قَالَ: يَا بُنَيَّ! أَتَقْرَأُ القُرْآنَ؟ قُلْتُ: نَعَمْ، قَالَ: فَاقْرَإِ الزُّخْرُفَ، قَالَ: فَقَرَأْتُ: {حم * وَالْكِتَابِ الْمُبِينِ *إِنَّا جَعَلْنَاهُ قُرْآناً عَرَبِيًّا لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ *وَإِنَّهُ فِي أُمِّ الْكِتَابِ لَدَيْنَا لَعَلِيٌّ حَكِيمٌ *} [الزخرف] ، فَقَالَ: أَتَدْرِي مَا أُمُّ الكِتَابِ؟ قُلْتُ: اللهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ، قَالَ: فَإِنَّهُ كِتَابٌ كَتَبَهُ اللهُ قَبْلَ أَنْ يَخْلُقَ السَّمَاوَاتِ، وَقَبْلَ أَنْ يَخْلُقَ الأَرْضَ، فِيهِ إِنَّ فِرْعَوْنَ مِنْ أَهْلِ النَّارِ، وَفِيهِ {تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ}.
قَالَ عَطَاءٌ: فَلَقِيتُ الوَلِيدَ بْنَ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ - صَاحِبِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم - فَسَألْتُهُ: مَا كَانَ وَصِيَّةُ أَبِيكَ عِنْدَ المَوْتِ؟ قَالَ: دَعَانِي أَبِي فَقَالَ لِي: يَا بُنَيَّ! اتَّقِ اللهَ، وَاعْلَمْ أَنَّكَ لَنْ تَتَّقِيَ اللهَ حَتَّىٰ تُؤْمِنَ بِاللهِ وَتُؤْمِنَ بِالقَدَرِ كُلِّهِ خَيْرِهِ وَشَرِّهِ، فَإِنْ مُتَّ عَلَىٰ غَيْرِ هَذَا دَخَلْتَ النَّارَ، إِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: (إِنَّ أَوَّلَ مَا خَلَقَ اللهُ القَلَمَ، قَالَ: اكْتُبْ، فَقَالَ: مَا أَكْتُبُ؟ قَالَ: اكْتُبِ القَدَرَ، مَا كَانَ وَمَا هُوَ كَائِنٌ إِلَىٰ الأَبَدِ).

762 - (د) عَنْ أَبِي الصَّلْتِ قَالَ: كَتَبَ رَجُلٌ إِلَىٰ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ العَزِيزِ يَسْأَلُهُ عَن القَدَرِ، فَكَتَبَ:
أَمَّا بَعْدُ؛ أُوصِيكَ بِتَقْوَىٰ اللهِ، وَالاِقْتِصَادِ فِي أَمْرِهِ، وَاتِّبَاعِ سُنَّةِ نَبِيِّهِ صلى الله عليه وسلم، وَتَرْكِ مَا أَحْدَثَ المُحْدِثُونَ بَعْدَ مَا جَرَتْ بِهِ سُنَّتُهُ، وَكُفُوا مُؤْنَتَهُ، فَعَلَيْكَ بِلُزُومِ السُّنَّةِ، فَإِنَّهَا لَكَ - بِإِذْنِ اللهِ - عِصْمَةٌ.
ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّهُ لَمْ يَبْتَدِعِ النَّاسُ بِدْعَةً إِلاَّ قَدْ مَضَىٰ قَبْلَهَا مَا هُوَ دَلِيلٌ عَلَيْهَا أَوْ عِبْرَةٌ فِيهَا، فَإِنَّ السُّنَّةَ إِنَّمَا سَنَّهَا مَنْ قَدْ عَلِمَ مَا فِي خِلاَفِهَا - وَلَمْ يَقُلْ في رواية: مَنْ قَدْ عَلِمَ - مِنَ الخَطَإِ وَالزَّلَلِ وَالحُمْقِ وَالتَّعَمُّقِ.
فَارْضَ لِنَفْسِكَ مَا رَضِيَ بِهِ القَوْمُ لِأَنْفُسِهِمْ، فَإِنَّهُمْ عَلَىٰ عِلْمٍ وَقَفُوا، وَبِبَصَرٍ نَافِذٍ كَفُّوا، وَهُمْ عَلَىٰ كَشْفِ الأُمُورِ كَانُوا أَقْوَىٰ، وَبِفَضْلِ مَا كَانُوا فِيهِ أَوْلَىٰ، فَإِنْ كَانَ الهُدَىٰ مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ لَقَدْ سَبَقْتُمُوهُمْ إِلَيْهِ، وَلَئِنْ قُلْتُمْ: «إِنَّمَا حَدَثَ بَعْدَهُمْ» مَا أَحْدَثَهُ إِلاَّ مَنْ اتَّبَعَ غَيْرَ سَبِيلِهِمْ، وَرَغِبَ بِنَفْسِهِ عَنْهُمْ، فَإِنَّهُمْ هُمُ السَّابِقُونَ، فَقَدْ تَكَلَّمُوا فِيهِ بِمَا يَكْفِي، وَوَصَفُوا مِنْهُ مَا يَشْفِي، فَمَا دُونَهُمْ مِنْ مَقْصَرٍ
[1] ، وَمَا فَوْقَهُمْ مِنْ مَحْسَرٍ [2] ، وَقَدْ قَصَّرَ قَوْمٌ دُونَهُمْ فَجَفَوْا، وَطَمَحَ عَنْهُمْ أَقْوَامٌ فَغَلَوْا، وَإِنَّهُمْ بَيْنَ ذَلِكَ لَعَلَىٰ هُدًى مُسْتَقِيمٍ.
كَتَبْتَ تَسْأَلُ عَن الإِقْرَارِ بِالقَدَرِ، فَعَلَىٰ الخَبِيرِ - بِإِذْنِ اللهِ - وَقَعْتَ، مَا أَعْلَمُ مَا أَحْدَثَ النَّاسُ مِنْ مُحْدَثَةٍ، وَلاَ ابْتَدَعُوا مِنْ بِدْعَةٍ هِيَ أَبْيَنُ أَثَراً وَلاَ أَثْبَتُ أَمْراً مِنَ الإِْقْرَارِ بِالقَدَرِ. لَقَدْ كَانَ ذَكَرَهُ فِي الجَاهِلِيَّةِ الجُهَلاَءُ يَتَكَلَّمُونَ بِهِ فِي كَلاَمِهِمْ، وَفِي شِعْرِهِمْ، يُعَزُّونَ بِهِ أَنْفُسَهُمْ عَلَىٰ مَا فَاتَهُمْ، ثُمَّ لَمْ يَزِدْهُ الإِْسْلاَمُ بَعْدُ إِلاَّ شِدَّةً.
وَلَقَدْ ذَكَرَهُ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي غَيْرِ حَدِيثٍ وَلاَ حَدِيثَيْنِ، وَقَدْ سَمِعَهُ مِنْهُ المُسْلِمُونَ، فَتَكَلَّمُوا بِهِ فِي حَيَاتِهِ، وَبَعْدَ وَفَاتِهِ، يَقِيناً وَتَسْلِيماً لِرَبِّهِمْ، وَتَضْعِيفاً لأَِنْفُسِهِمْ، أَنْ يَكُونَ شَيْءٌ لَمْ يُحِطْ بِهِ عِلْمُهُ، وَلَمْ يُحْصِهِ كِتَابُهُ، وَلَمْ يَمْضِ فِيهِ قَدَرُهُ، وَإِنَّهُ مَعَ ذَلِكَ لَفِي مُحْكَمِ كِتَابِهِ: مِنْهُ اقْتَبَسُوهُ، وَمِنْهُ تَعَلَّمُوهُ، وَلَئِنْ قُلْتُمْ: «لِمَ أَنْزَلَ اللهُ آيَةَ كَذَا؟ لِمَ قَالَ كَذَا؟» لَقَدْ قَرَؤوا مِنْهُ مَا قَرَأْتُمْ، وَعَلِمُوا مِنْ تَأْوِيلِهِ مَا جَهِلْتُمْ، وَقَالُوا بَعْدَ ذَلِكَ كُلِّهِ: «بِكِتَابٍ وَقَدَرٍ» وَ«كُتِبَتِ الشَّقَاوَةُ» وَ«مَا يُقَدَّرْ يَكُنْ» وَ«مَا شَاءَ اللهُ كَانَ وَمَا لَمْ يَشَأْ لَمْ يَكُنْ» وَ«لاَ نَمْلِكُ لأَِنْفُسِنَا ضَرّاً وَلاَ نَفْعاً» ثُمَّ رَغِبُوا بَعْدَ ذَلِكَ وَرَهِبُوا.

[د4612]

˜ صحيح مقطوع.

764 - (حم) عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عُبَيْدٍ المَكِّيِّ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: قِيلَ لاِبْنِ عَبَّاسٍ: إِنَّ رَجُلاً قَدِمَ عَلَيْنَا يُكَذِّبُ بِالقَدَرِ، فَقَالَ: دُلُّونِي عَلَيْهِ -  وَهُوَ يَوْمَئِذٍ قَدْ عَمِيَ  - قَالُوا: وَمَا تَصْنَعُ بِهِ يَا أَبَا عَبَّاسٍ؟ قَالَ: وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ! لَئِنِ اسْتَمْكَنْتُ مِنْهُ لَأَعَضَّنَّ أَنْفَهُ حَتَّىٰ أَقْطَعَهُ، وَلَئِنْ وَقَعَتْ رَقَبَتُهُ فِي يَدَيَّ لَأَدُقَّنَّهَا، فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: (كَأَنِّي بِنِسَاءِ بَنِي فِهْرٍ يَطُفْنَ بِالخَزْرَجِ تَصْطَكُّ أَليَاتُهُنَّ مُشْرِكَاتٍ) هَذَا أَوَّلُ شِرْكِ هَذِهِ الأُْمَّةِ. وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ! لَيَنْتَهِيَنَّ بِهِمْ سُوءُ رَأْيِهِمْ حَتَّىٰ يُخْرِجُوا اللهَ مِنْ أَنْ يَكُونَ قَدَّرَ خَيْراً كَمَا أَخْرَجُوهُ مِنْ أَنْ يَكُونَ قَدَّرَ شَرّاً.

[حم3054، 3055]

˜ إسناده ضعيف.