148 - عَنْ جَابِرِ بنِ عبدالله - رضي الله عنهما - قَالَ: «لَعَنَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم آكِلَ الرِّبَا، وَمُؤْكِلَهُ، وَكَاتِبَهُ، وَشَاهِدَيْهِ»، وَقَالَ: «هُمْ سَوَاءٌ» [1] .
الراوي المعنى الإجمالي الشرح المفصل الفوائد العلمية الفوائد الفقهية الفوائد الحديثية من هدايات الحديث النقول ترجمة راوي الحديث:
هو: جابرُ بنُ عبدِ اللهِ بنِ عمرِو بنِ حرامٍ الأنصاريُّ، ثم السَّلِميُّ، أبو عبد الله، شهِد العقبة الثانية وهو صبيٌّ مع أبيه، وكان والده من النُّقباء البدريين، وكان آخِرَ مَن شهِد ليلة العقبة الثانية مَوتًا، وقيل: شهِد بَدرًا وأُحدًا، وشهد صِفِّين مع عليِّ بنِ أبي طالب رضي الله عنه، وهو مُفتي المدينة في زمانه، روى عنه سعيدُ بنُ المسيِّب، وأبو سلمة، وعطاء، رحل جابرُ بنُ عبدِ الله في آخر عمره إلى مكةَ في أحاديثَ سمعها، ثم انصرف إلى المدينة. ومسندُ جابرِ بنِ عبد الله بلغ ألفًا وخَمسمِائة وأربعين حديثًا، اتَّفَق له الشيخان على ثمانية وخمسين حديثًا، وانفرد له البخاريُّ بستَّة وعشرين حديثًا، ومسلمٌ بمائة وستَّة وعشرين حديثًا
[2]
. تُوفِّي سنةَ (78هـ)
[3]
. المعنى الإجماليُّ للحديث:
يقول جَابِرُ بنُ عبدالله - رضي الله عنهما -: «لَعَنَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم»: اللَّعْنُ هو الطرد والإبعاد عن رحمة الله، «آكِلَ الرِّبَا»؛ أي: آخِذه؛ كالمستقرِض، «وَمُؤْكِلَهُ»؛ أي: مُعْطيَه؛ كالْمُقرض، «وَكَاتِبَهُ» الذي يكتب العقد الذي فيه الربا، «وَشَاهِدَيْهِ» اللذينِ يشهدان على العقد. وَقَالَ: «هُمْ سَوَاءٌ»؛ أي: متساوون في اللَّعْن؛ لأنهم متعاونون على ذلك. الشرح المفصَّل للحديث:
إن دين الإسلام حَرَص على نشر المعاملات الطيِّبة بين الناس، وتحريم المعاملات الخبيثة، ومن ذلك أنه أحلَّ البيع وحرَّم الربا، وأَمَر المسلم أن لا يأكل إلا طيِّبًا؛ قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: «أيُّها الناسُ، إن اللهَ طيِّبٌ لا يَقبَل إلا طَيِّبًا، وإن اللهَ أمَر المؤمنين بما أمر به المرسَلين، فقال: ﴿يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ﴾ [المؤمنون: 51]، وقال: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ﴾ [البقرة: 172]، ثم ذكَر الرجُلَ يُطِيل السَّفَرَ أَشْعَثَ أَغْبَرَ، يَمُدُّ يَدَيْهِ إلى السماء: يا ربِّ، يا ربِّ، ومطعمُه حرامٌ، ومشرَبُه حرامٌ، ومَلبسُه حرامٌ، وغُذِيَ بالحرام؛ فأنَّى يُستجاب لذلك؟!»
[4]
.
وحرَّم اللهُ تعالى أكلَ أموال الناس بالباطل؛ قال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ﴾ [النساء: 29]، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «كُلُّ المُسْلِمِ علَى المُسْلِمِ حَرامٌ؛ دَمُهُ، ومالُهُ، وعِرْضُهُ»
[5]
، وقَالَ وَهْبُ بْنُ الْوَرْدِ رحمه الله: "لو قمتَ مَقامَ هذه السّارية، لم ينفعْكَ شيء حتّى تَنظُر ما يَدخُل بطنَك حلال أو حرام"
[6]
. وسُئل أحمدُ بنُ حنبلٍ رحمه الله: بمَ تَلين القلوب؟ ثم أطرَقَ ساعة، ثم رفع رأسه، فقال: بأكل الحلال
[7]
. وقال وَهْب بن مُنبِّه رحمه الله: "مَن سرَّه أن يَستَجيب الله دعوتَه، فلْيُطِبْ مطعمَه"
[8]
.
والربا جُرْم عظيم ، وذنب كبير، ومن الموبقات الْمُهلكات، وقد جاء فيه من الوعيد الشديد ما هو معروف مشهور؛ منه: عَنْ سَمُرَةَ بْنِ جُنْدُبٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: «رَأَيْتُ اللَّيْلَةَ رَجُلَيْنِ أَتَيَانِي، فَأَخْرَجَانِي إِلَى أَرْضٍ مُقَدَّسَةٍ، فَانْطَلَقْنَا حَتَّى أَتَيْنَا عَلَى نَهَرٍ مِنْ دَمٍ فِيهِ رَجُلٌ قَائِمٌ وَعَلَى وَسَطِ النَّهَرِ رَجُلٌ بَيْنَ يَدَيْهِ حِجَارَةٌ، فَأَقْبَلَ الرَّجُلُ الَّذِي فِي النَّهَرِ، فَإِذَا أَرَادَ الرَّجُلُ أَنْ يَخْرُجَ، رَمَى الرَّجُلُ بِحَجَرٍ فِي فِيهِ، فَرَدَّهُ حَيْثُ كَانَ، فَجَعَلَ كُلَّمَا جَاءَ لِيَخْرُجَ، رَمَى فِي فِيهِ بِحَجَرٍ، فَيَرْجِعُ كَمَا كَانَ، فَقُلْتُ: مَا هَذَا؟ فَقَالَ: الَّذِي رَأَيْتَهُ فِي النَّهَرِ آكِلُ الرِّبا»
[9]
.
وفي هذا الحديث بيان إثم الربا وخطورته وعاقبته؛ حيث إن الرِّبا من أشدِّ أنواع الاستغلال في الْمُعامَلاتِ، وفيه قدْرٌ كبير من الضَّررِ، وهو كسبٌ فيه سُحتٌ، وأخْذُ زيادة بالباطل، فكان تحريمه مؤكَّدًا.
يقول جَابِرُ بنُ عبدالله - رضي الله عنهما -: «لَعَنَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم آكِلَ الرِّبَا وَمُؤْكِلَهُ»
"قوله: «آكِلَ الرِّبَا»؛ أي: آخِذه ولو لم يأكل، «ومُوكِلَهُ»؛ أي: مُعْطِيَهِ؛ إنما لُعِنَ الكلُّ لِمُشاركتهم في الإثم"
[10]
، "وإنما خصَّ بالأكل؛ لأنه أعظم الانتفاع؛ كما قال تعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْمًا﴾ [النساء: ١٠]"
[11]
.
"واللَّعْنُ هو الطرد والإبعاد عن رحمة الله، ويكون هذا الملعون مشاركًا لإبليسَ في العقوبة؛ لأن الله قال لإبليس: ﴿وَإِنَّ عَلَيْكَ اللَّعْنَةَ﴾ [الحجر: ٣٥]، كذلك آكل الربا عليه اللعنة، وموكله عليه اللعنة، مطرود مبعَد عن رحمة الله، ثم هذا الذي يأكله، يأكله سُحْتًا، وكل جسد نبت من السُّحت، فالنار أولى به، ثم إن هذا الربا الذي يدخل عليك يَنزِع الله به البركة من مالك، وربما يوالي عليه النَّكَبات حتى يتلف"
[12]
.
وقد ذكر النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم الربا من الموبقات في الحديث: «اجْتَنِبُوا السَّبْعَ المُوبِقَاتِ» قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَمَا هُنَّ؟ قَالَ: «... وَأَكْلُ الرِّبَا...» الحديث
[13]
.
«وأكل الربا»: هُوَ فضل مَال بِلَا عوض فِي مُعَاوضَة مَال بِمَال، وهو تعاطيه بالأخذ أو الإعطاء، والأصلُ في معناه الزيادة، يقال: رَبا الشيء إذا زاد، ومن ذلك قول الله - تبارك وتعالى -: ﴿يَمْحَقُ اللَّهُ الرِّبَا وَيُرْبِي الصَّدَقَاتِ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ كُلَّ كَفَّارٍ أَثِيمٍ﴾ [البقرة: 276]، وقال سبحانه: ﴿الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا لَا يَقُومُونَ إِلَّا كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبَا وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا فَمَنْ جَاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَانْتَهَى فَلَهُ مَا سَلَفَ وَأَمْرُهُ إِلَى اللَّهِ وَمَنْ عَادَ فَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ﴾ [البقرة: 275].
و"من تأمَّل أبوابَ الربا، لاح له سرُّ التحريم من جهة الجشع المانع من حُسن المعاشرة، والذريعة إلى ترك القرض، وما في التوسعة من مكارم الأخلاق؛ ولذلك قال تعالى: ﴿فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ﴾ [البقرة: 279] غضبًا على أهله"
[14]
.
"قَوْله: «وآكل الرِّبَا»؛ أي: ونهى آكل الرِّبا عن أكله، وكذا نهى مُوكله عن إطعامه غيره، ويُقال: الْمُراد من الآكِل آخِذه؛ كالمستقرِض، ومن الموكِل مُعْطيه؛ كالْمُقرض، والنَّهيُ في هذا كلِّه عن الفِعل... وخصَّ الآكِل من بين سائر الانتفاعات؛ لأنه أعظم المقاصد"
[15]
.
و"آكل الرِّبَا وموكله، إنما اشتركا في الإثم، وإن كان الرابحُ أحدَهما؛ لأنهما في الفِعل شريكان"
[16]
.
وقد "سوَّى رسول الله صلى الله عليه وسلم بين آكل الربا ومُوكله، إذا كان لا يتوصَّل إلى أكله إلا بمعاونته ومشاركته إيَّاه، فهما شريكان في الإثم كما كانا شريكينِ في الفعل، وإن كان أحدهما مغتبِطًا بفعله لم يستفضله من البيع، والآخر منهما لِما يَلحَقه من النقص، ولله - عزَّ وجلَّ - حدود، فلا تُتجاوز في وقت الوجود من الرِّبح والعَدَم، وعند العُسر واليُسر، والضرورة لا تَلحَقه بوجه في أن يؤكِله الربا؛ لأنه قد يجد السبيل إلى أن يتوصَّل إلى حاجته بوجه من وجوه المعاملة والمبايعة ونحوها"
[17]
.
"وقد أجمعت الأمَّة على تحريم الرّبا في الجُملة، وإن اختلفوا في التّفاصيل، والأحاديثُ في النّهي عنه وذمِّ فاعله ومن أعانه كثيرة جدًّا، ووردت بلعنه... أي: دعا على المذكورين بالإبعاد عن الرّحمة، وهو دليل على إثم من ذَكَر، وتحريم ما تعاطَوْه، وخصَّ الأكل لأنّه الأغلب في الانتفاع، وغيره مثله، والمراد من مُوكله الّذي أعطى الرّبا؛ لأنّه ما تحصَّل الرّبا إلّا منه، فكان داخلًا في الإثم"
[18]
.
قوله: «وَكَاتِبَهُ» الذي يكتب العقد الذي فيه الربا، «وَشَاهِدَيْهِ» اللذين يشهدان على العقد، "وإثمُ الكاتب والشّاهدينِ لإعانتهم على المحظور، وذلك إذا قَصَدا وعَرَفا بالرّبا، ووَرَد في روايةٍ لعنُ الشّاهد بالإفراد على إرادة الجِنس"
[19]
.
و"هذا تصريح بتحريم كتابة المبايعة بين المترابِيَيْنِ والشهادة عليهما، وفيه تحريم الإعانة على الباطل"
[20]
؛ لأن مَن أعان على معصية، ناله من إثمها ما يستحقُّ، والكاتب والشاهدان أعانوا على إثبات عَقد الربا، فنالهما ما يستحقَّان من اللعنة. وَقَالَ: «هُمْ سَوَاءٌ»؛ أي: متساوون في اللَّعْن؛ لأنهم متعاونون على ذلك.
وقد "ذكر كاتب الرّبا وشاهده على سبيل الإلحاق؛ لإعانتهما للآكِل على ذلك، وهذا إنّما يقع على من وَاطَأ صاحب الرّبا عليه، فأمَّا من كَتَبه أو شَهِد القصَّة ليَشهَد بها على ما هي عليه؛ ليُعمَل فيها بالحقِّ، فهذا جميلُ القَصد، لا يدخل في الوعيد المذكور؛ وإنّما يَدخُل فيه من أعان صاحب الرّبا بكتابته وشهادته، فيُنزَّل منزلة من قال: (إنّما البيع مثل الرّبا)"
[21]
. وجميل القصد هو من يشهد الواقعة، أو يكتبها؛ لتوثيقها، والشهادة على أصحابها بها، وهذا مَثَلُه كمَثَل من يرى جريمةَ قتل سرقة تحدث أمامه فيصوِّرها أو يسجِّل أحداثها؛ ليشهد بها عند الحاكم، ويساعد على الوصول إلى الجاني، وإقرار الحقِّ، فمِثل هذا لا علاقة له بأطراف الجريمة ولا بالجاني، ولا يمثِّل طَرَفًا من أطراف العمل المحرَّم، أو العقد المحرَّم، وليس له إعانة على المعصية أو الجريمة بوجه؛ وإنما هو في حقيقة أمره ساعٍ في تغيير المنكَر، وإقامة العدل، بما أَمكَنه.
"وأما الذي أعطى الربا، فإن وجه اللعنة في حقِّه أنه أعان على ذلك، فإذا قال قائل: هل للإنسان من توبة إذا كان يتعاطى الربا ثم منَّ الله عليه واهتدى، نقول: نعم، له توبة، ومَن الذي يَحُول بينه وبين توبة الله؟! ولكن لا بدَّ من صدق التوبة وإخلاصها، والنَّدَم على الذنب، والعزم على ألَّا يَعُود، ثم إن كان صاحب الربا الذي أُخِذ منه قد استفاد، فإن الربا يؤخذ من الْمُرابي ويُتصدَّق به أو يوضَع في بيت المال، وإن كان لم يستفِد، فإنه يُعطي المطلوب؛ لأنه إذا استفاد لا يمكِن أن نجمع له بين الحقِّ من الربا، وبين انتفاعه. نقول: أنت حظُّك الانتفاع؛ ولكن إذا كان لم ينتفع، فإنه يُعطي ما أخذ من الربا، والنبيُّ صلى الله عليه وسلم لعن شاهدَيِ الربا وكاتبَه مع أن الشاهدين والكاتب ليس لهما منفعة؛ لكن أعانوا على تثبيت الربا؛ الشاهدان والكاتب يَثبُت بهما الربا؛ لأن الشاهدين يُثبتان الحقَّ، والكاتب يوثِّقه؛ ولهذا يكون هؤلاء الثلاثة - الشاهدان والكاتب - قد أعانوا على الإثم والعدوان، فنالهم من ذلك نصيب، فهؤلاء الخمسة كلُّهم ملعونون على لسان محمد صلى الله عليه وسلم: آكل الربا، وموكله، والشاهدين، والكاتب، خمسة، وفي هذا الحديث دليل أن الْمُعين على الإثم مشارك للفاعل"
[22]
.
و"يجوز للإنسان أن يتعامل مع شخص يتعامل بالربا؛ لكن معاملته إيَّاه بطريق سليم؛ فمثلًا يجوز أن يشترَي من هذا الرجل الْمُرَابي سلعة بثمن، ويجوز أن يستقرض منه ولا حَرَج؛ فإن النبيَّ صلى الله عليه وسلم كان يُعامل اليهود، مع أنهم أكَّالون للسُّحت، فقد قَبِل هَديَّتهم، وقد قَبِل دعوتهم، وقد باع واشترى منهم صلى الله عليه وسلم... والخلاصة: أن من كان يكتسب الحرام، وتعاملتَ معه معاملةً مباحة، لا حرج عليك فيها"
[23]
. الفوائد العلمية:
1. في الحديث دليل على حرص دين الإسلام على نشر المعاملات الطيِّبة بين الناس، وتحريم المعاملات الخبيثة، ومن ذلك أنه أحلَّ البيع وحرَّم الربا.
2. نهى اللهُ تعالى في كتابه الكريم عن أكل أموال الناس بالباطل؛ قال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ﴾ [النساء: 29].
3. أكل الربا مِن أكبر الكبائر، وهو مِن السَّبْع الموبقات التي أمر النبيُّ صلى الله عليه وسلم باجتنابها، وقد توعَّد الله تعالى آكله بالمحاربة؛ قال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ * فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُءُوسُ أَمْوَالِكُمْ لَا تَظْلِمُونَ وَلَا تُظْلَمُونَ﴾ [البقرة: ٢٧٨ – ٢٧٩].
4. اللَّعْنُ هو الطرد والإبعاد عن رحمة الله، والملعون مشارك لإبليسَ في العقوبة؛ لأن الله قال لإبليس: ﴿وَإِنَّ عَلَيْكَ اللَّعْنَةَ﴾ [الحجر: ٣٥]
[24]
. الفوائد الفقهية:
1. الرِّبَا - كما عرِّف في الفقه -: هو فضل مال بلا عِوَض في مُعاوضَة مال بمال.
2. أكل الربا: هو تعاطيه بالأخذ أو الإعطاء.
3. أجمعت الأمَّة على تحريم الرّبا في الجُملة، مع اختلافهم في التّفاصيل
[25]
.
4. الْمُراد بآكِل الربا هو من يأخذه كمن يقترض بالربا، أما مُؤكِل الربا فهو المعطي؛ كمن يُقرض بالربا.
5. في الحديث خصَّ الأكل لأنّه الأغلب في الانتفاع، وغير الأكل مثل الأكل في الإثم
[26]
.
6. إثمُ الكاتب والشّاهدينِ لإعانتهم على المحظور، وذلك إذا قَصَدا وعَرَفا بالرّبا
[27]
.
7. في الحديث تصريح بتحريم كتابة المبايعة بين المترابِيَيْنِ والشهادة عليهما، وفيه تحريم الإعانة على الباطل
[28]
8. سرُّ تحريم الربا هو الجشع المانع من حُسن المعاشرة، والذريعة إلى ترك القرض، وما في التوسعة من مكارم الأخلاق؛ ولذلك قال تعالى: ﴿فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ﴾ [البقرة: 279] غضبًا على أهله
[29]
.
9. خصَّ النبيُّ صلى الله عليه وسلم الأكل من بين سائر الانتفاعات؛ لأنه أعظم المقاصد
[30]
.
10. يشترك آكل الرِّبَا وموكله في الإثم، مع أن أحدهما رابح والآخر خاسر؛ لأنهما شريكان في الفِعل
[31]
.
11. إذا أراد أن يتوب متعاطي الربا منه، فعليه بصدق التوبة وإخلاصها، والنَّدَم على هذا الذنب العظيم، والعزم على ألَّا يَعُود، ويؤخذ الربا من الْمُرابي ويُتصدَّق به أو يوضَع في بيت المال.
12. من كان يكتسب الحرام، وتعاملتَ معه معاملةً مباحة، فلا حرج عليك فيها
[32]
، فيجوز للإنسان أن يتعامل مع شخص يتعامل بالربا؛ لكن معاملته إيَّاه شرعية؛ مثل: شراء سلعة بثمن من الْمُرَابي، ويجوز أن يستقرض منه ولا حَرَج؛ فإن النبيَّ صلى الله عليه وسلم كان يُعامل اليهود، مع أنهم أكَّالون للسُّحت، فقد قَبِل هَديَّتهم، وقد قَبِل دعوتهم، وقد باع واشترى منهم صلى الله عليه وسلم
[33]
. الفوائد الحديثية:
1. مسند جابر بن عبد الله بلغ ألفًا وخمسمِائة وأربعين حديثًا، اتَّفَق له الشيخانِ على ثمانية وخمسين حديثًا، وانفرد له البخاريُّ بستة وعشرين حديثًا، ومسلمٌ بمائة وستة وعشرين حديثًا
[34]
من هدايات الحديث:
1. إياك والربا؛ فإن الله يَنزِع به البركة من مالك، وربما يوالي عليه النَّكَبات حتى يتلف.
2. قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: «أيُّها الناسُ، إن اللهَ طيِّبٌ لا يَقبَل إلا طَيِّبًا، وإن اللهَ أمَر المؤمنين بما أمر به المرسَلين، فقال: ﴿يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ﴾ [المؤمنون: 51]، وقال: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ﴾ [البقرة: 172]، ثم ذكَر الرجُلَ يُطِيل السَّفَرَ أَشْعَثَ أَغْبَرَ، يَمُدُّ يَدَيْهِ إلى السماء: يا ربِّ، يا ربِّ، ومطعمُه حرامٌ، ومشرَبُه حرامٌ، ومَلبسُه حرامٌ، وغُذِيَ بالحرام؛ فأنَّى يُستجاب لذلك؟!»
[36]
.
3. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «كُلُّ المُسْلِمِ علَى المُسْلِمِ حَرامٌ؛ دَمُهُ، ومالُهُ، وعِرْضُهُ»
[37]
.
4. قَالَ وَهْبُ بْنُ الْوَرْدِ رحمه الله: "لو قمتَ مَقامَ هذه السّارية، لم ينفعْكَ شيء حتّى تَنظُر ما يَدخُل بطنَك حلال أو حرام"
[38]
.
5. سُئل أحمدُ بنُ حنبلٍ رحمه الله: بمَ تَلين القلوب؟ ثم أطرَقَ ساعة، ثم رفع رأسه، فقال: بأكل الحلال
[39]
.
6. قال وَهْب بن مُنبِّه رحمه الله: "مَن سرَّه أن يَستَجيب الله دعوتَه، فلْيُطِبْ مطعمَه"
[40]
.
7. عَنْ سَمُرَةَ بْنِ جُنْدُبٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: «رَأَيْتُ اللَّيْلَةَ رَجُلَيْنِ أَتَيَانِي، فَأَخْرَجَانِي إِلَى أَرْضٍ مُقَدَّسَةٍ، فَانْطَلَقْنَا حَتَّى أَتَيْنَا عَلَى نَهَرٍ مِنْ دَمٍ فِيهِ رَجُلٌ قَائِمٌ وَعَلَى وَسَطِ النَّهَرِ رَجُلٌ بَيْنَ يَدَيْهِ حِجَارَةٌ، فَأَقْبَلَ الرَّجُلُ الَّذِي فِي النَّهَرِ، فَإِذَا أَرَادَ الرَّجُلُ أَنْ يَخْرُجَ، رَمَى الرَّجُلُ بِحَجَرٍ فِي فِيهِ، فَرَدَّهُ حَيْثُ كَانَ، فَجَعَلَ كُلَّمَا جَاءَ لِيَخْرُجَ، رَمَى فِي فِيهِ بِحَجَرٍ، فَيَرْجِعُ كَمَا كَانَ، فَقُلْتُ: مَا هَذَا؟ فَقَالَ: الَّذِي رَأَيْتَهُ فِي النَّهَرِ آكِلُ الرِّبا»
[41]
.
8. عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، قَالَ: «اجْتَنِبُوا السَّبْعَ المُوبِقَاتِ» قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَمَا هُنَّ؟ قَالَ: «الشِّرْكُ بِاللَّهِ، وَالسِّحْرُ، وَقَتْلُ النَّفْسِ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالحَقِّ، وَأَكْلُ الرِّبَا، وَأَكْلُ مَالِ اليَتِيمِ، وَالتَّوَلِّي يَوْمَ الزَّحْفِ، وَقَذْفُ المُحْصَنَاتِ المُؤْمِنَاتِ الغَافِلاَتِ»
[42]
.
9. رَأَيْتُ حَلالَ الْمَالِ خَيْرَ مَغَبَّةٍ = وَأجْدَرَ أَنْ يَبْقَى عَلَى الْحَدَثَانِ
وَإِيَّاكَ وَالْمَالَ الْحَرَامَ فَإِنَّهُ = وَبَالٌ إِذَا مَا قُدِّمَ الْكَفَنَانِ
10. لا ترغبنْ في كثير المال تَكنِزُه = من الحرام فلا يُنْمَى وإن كَثُرا
واطلبْ حلالًا وإن قلَّت فواضلُه = إن الحلال زكيٌّ حيثما ذُكِرا
11. وَفِي النَّاسِ مَن ظُلمُ الوَرَى عَادةٌ لهُ = وَيَنْشُرُ أَعَذارًا بها يَتَأوَّلُ
جَرِيءٌ على أَكْلِ الحرامِ ويدَّعِي = بأنَّ له في حِلِّ ذلك مَحْمَلُ
فَيَا آكِلَ الْمَالِ الحرامِ أَبِنْ لَنَا = بأيِّ كتابٍ حِلُّ مَا أَنْتَ تَأكُلُ؟
ألمْ تَدْرِ أَنَّ اللهَ يَدْرِي بما جَرَى = وبينَ البَرايَا في القِيامةِ يَفْصِلُ النقول:
قال ابن عثيمين رحمه الله: "واللَّعْنُ هو الطرد والإبعاد عن رحمة الله، ويكون هذا الملعون مشاركًا لإبليس في العقوبة؛ لأن الله قال لإبليس: ﴿وَإِنَّ عَلَيْكَ اللَّعْنَةَ﴾ [الحجر: ٣٥]، كذلك آكل الربا عليه اللعنة، وموكله عليه اللعنة، مطرود مبعَد عن رحمة الله، ثم هذا الذي يأكله، يأكله سُحْتًا، وكل جسد نبت من السُّحت، فالنار أولى به، ثم إن هذا الربا الذي يدخل عليك ينزع الله به البركة من مالك، وربما يوالي عليه النَّكَبات حتى يتلف"
[43]
.
قال بدر الدين العينيُّ رحمه الله: "أكل الرِّبَا، وَهُوَ فضل مَال بِلَا عوض فِي مُعَاوضَة مَال بِمَال، كَمَا عرِّف فِي الْفِقْه"
[44]
.
قال الطِّيبيُّ رحمه الله: "قوله: «آكل الربا»؛ أي: الآخذ؛ وإنما خصَّ بالأكل؛ لأنه أعظم الانتفاع؛ كما قال تعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْمًا﴾ [النساء: ١٠].
سوَّى رسول الله صلى الله عليه وسلم بين آكل الربا ومُوكله، إذا كان لا يتوصَّل إلى أكله إلا بمعاونته ومشاركته إيَّاه، فهما شريكان في الإثم كما كانا شريكينِ في الفعل، وإن كان أحدهما مغتبِطًا بفعله لم يستفضله من البيع، والآخر منهما لِما يَلحَقه من النقص، ولله - عزَّ وجلَّ - حدود، فلا تُتجاوز في وقت الوجود من الرِّبح والعَدَم، وعند العُسر واليُسر، والضرورة لا تَلحَقه بوجه في أن يؤكِله الربا؛ لأنه قد يجد السبيل إلى أن يتوصَّل إلى حاجته بوجه من وجوه المعاملة والمبايعة ونحوها"
[45]
.
قال ابن عثيمين رحمه الله: "وأما الذي أعطى الربا، فإن وجه اللعنة في حقِّه أنه أعان على ذلك، فإذا قال قائل: هل للإنسان من توبة إذا كان يتعاطى الربا ثم منَّ الله عليه واهتدى، نقول: نعم، له توبة، ومَن الذي يَحُول بينه وبين توبة الله؟! ولكن لا بدَّ من صدق التوبة وإخلاصها، والنَّدَم على الذنب، والعزم على ألَّا يَعُود، ثم إن كان صاحب الربا الذي أُخِذ منه قد استفاد، فإن الربا يؤخذ من الْمُرابي ويُتصدَّق به أو يوضَع في بيت المال، وإن كان لم يستفِد، فإنه يُعطي المطلوب؛ لأنه إذا استفاد لا يمكِن أن نجمع له بين الحقِّ من الربا، وبين انتفاعه. نقول: أنت حظُّك الانتفاع؛ ولكن إذا كان لم ينتفع، فإنه يُعطي ما أخذ من الربا، وذكر الترمذيُّ وغيره في رواية أخرى أن النبيَّ صلى الله عليه وسلم لعن شاهدَيِ الربا وكاتبَه مع أن الشاهدين والكاتب ليس لهما منفعة؛ لكن أعانوا على تثبيت الربا؛ الشاهدان والكاتب يَثبُت بهما الربا؛ لأن الشاهدين يُثبتان الحقَّ، والكاتب يوثِّقه؛ ولهذا يكون هؤلاء الثلاثة - الشاهدان والكاتب - قد أعانوا على الإثم والعدوان، فنالهم من ذلك نصيب، فهؤلاء الخمسة كلُّهم ملعونون على لسان محمد صلى الله عليه وسلم: آكل الربا، وموكله، والشاهدين، والكاتب، خمسة، وفي هذا الحديث دليل أن الْمُعين على الإثم مشارك للفاعل"
[46]
.
قال بدر الدين العينيُّ رحمه الله: قَوْله: «وآكل الرِّبَا»؛ أي: ونهى آكل الرِّبا عن أكله، وكذا نهى مُوكله عن إطعامه غيره، ويُقال: الْمُراد من الآكِل آخِذه؛ كالمستقرِض، ومن الموكِل مُعْطيه؛ كالْمُقرض، والنَّهيُ في هذا كلِّه عن الفِعل... وخصَّ الآكِل من بين سائر الانتفاعات؛ لأنه أعظم المقاصد"
[47]
.
قال بدر الدين العينيُّ رحمه الله: "آكل الرِّبَا وموكله، وإنما اشتركا في الإثم، وإن كان الرابحُ أحدَهما؛ لأنهما في الفِعل شريكان"
[48]
.
قال السنديُّ رحمه الله: "قوله: «آكِلَ الرِّبَا»؛ أي: آخِذه ولو لم يأكل، «ومُوكِلَهُ»؛ أي: مُعْطِيَهِ؛ إنما لُعِنَ الكلُّ لِمُشاركتهم في الإثم"
[49]
.
قال النوويُّ رحمه الله: "هذا تصريح بتحريم كتابة المبايعة بين المترابِيَيْنِ والشهادة عليهما، وفيه تحريم الإعانة على الباطل"
[50]
.
قال الصنعانيُّ رحمه الله: "وقد أجمعت الأمَّة على تحريم الرّبا في الجُملة، وإن اختلفوا في التّفاصيل، والأحاديثُ في النّهي عنه وذمِّ فاعله ومن أعانه كثيرة جدًّا، ووردت بلعنه... أي: دعا على المذكورين بالإبعاد عن الرّحمة، وهو دليل على إثم من ذَكَر، وتحريم ما تعاطَوْه، وخصَّ الأكل لأنّه الأغلب في الانتفاع، وغيره مثله، والمراد من مُوكله الّذي أعطى الرّبا؛ لأنّه ما تحصَّل الرّبا إلّا منه، فكان داخلًا في الإثم، وإثمُ الكاتب والشّاهدينِ لإعانتهم على المحظور، وذلك إذا قَصَدا وعَرَفا بالرّبا، ووَرَد في روايةٍ لعنُ الشّاهد بالإفراد على إرادة الجِنس"
[51]
.
قال ابن حجر رحمه الله: "قال ابن التِّين: ذكر كاتب الرّبا وشاهده على سبيل الإلحاق؛ لإعانتهما للآكِل على ذلك، وهذا إنّما يقع على من وَاطَأ صاحب الرّبا عليه، فأمَّا من كَتَبه أو شَهِد القصَّة ليَشهَد بها على ما هي عليه؛ ليُعمَل فيها بالحقِّ، فهذا جميلُ القَصد، لا يدخل في الوعيد المذكور؛ وإنّما يَدخُل فيه من أعان صاحب الرّبا بكتابته وشهادته، فيُنزَّل منزلة من قال: (إنّما البيع مثل الرّبا)"
[52]
.
قال ابن عثيمين رحمه الله: "يجوز للإنسان أن يتعامل مع شخص يتعامل بالربا؛ لكن معاملته إيَّاه بطريق سليم؛ فمثلًا يجوز أن يشترَي من هذا الرجل الْمُرَابي سلعة بثمن، ويجوز أن يستقرض منه ولا حَرَج؛ فإن النبيَّ صلى الله عليه وسلم كان يُعامل اليهود، مع أنهم أكَّالون للسُّحت، فقد قَبِل هَديَّتهم، وقد قَبِل دعوتهم، وقد باع واشترى منهم صلى الله عليه وسلم... والخلاصة: أن من كان يكتسب الحرام، وتعاملتَ معه معاملةً مباحة، لا حرج عليك فيها"
[53]
.
قال السهيليُّ رحمه الله: "من تأمَّل أبواب الربا، لاح له سرُّ التحريم من جهة الجشع المانع من حُسن المعاشرة، والذريعة إلى ترك القرض، وما في التوسعة من مكارم الأخلاق؛ ولذلك قال تعالى: ﴿فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ﴾ [البقرة: 279] غضبًا على أهله"
[54]
.
قال النوويُّ رحمه الله: "قولُه صلى الله عليه وسلم في الرِّبا: «إنّه موضوعٌ كلُّه»؛ معناه: الزّائد على رأس المال؛ كما قال اللّه تعالى: ﴿وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُءُوسُ أَمْوَالِكُمْ﴾ [البقرة: ٢٧٩]، وهذا الّذي ذكرتُه إيضاحٌ، وإلَّا فالمقصود مفهومٌ من نفس لفظ الحديث؛ لأنّ الرّبا هو الزِّيادة، فإذا وُضِع الرَّبا، فمعناه: وَضْعُ الزّيادة، والمرادُ بالوضع الرَّدُّ والإبطال"
[55]
.
الراوي المعنى الإجمالي الشرح المفصل الفوائد العلمية الفوائد الفقهية الفوائد الحديثية من هدايات الحديث النقول
ترجمة راوي الحديث:
هو: جابرُ بنُ عبدِ اللهِ بنِ عمرِو بنِ حرامٍ الأنصاريُّ، ثم السَّلِميُّ، أبو عبد الله، شهِد العقبة الثانية وهو صبيٌّ مع أبيه، وكان والده من النُّقباء البدريين، وكان آخِرَ مَن شهِد ليلة العقبة الثانية مَوتًا، وقيل: شهِد بَدرًا وأُحدًا، وشهد صِفِّين مع عليِّ بنِ أبي طالب رضي الله عنه، وهو مُفتي المدينة في زمانه، روى عنه سعيدُ بنُ المسيِّب، وأبو سلمة، وعطاء، رحل جابرُ بنُ عبدِ الله في آخر عمره إلى مكةَ في أحاديثَ سمعها، ثم انصرف إلى المدينة. ومسندُ جابرِ بنِ عبد الله بلغ ألفًا وخَمسمِائة وأربعين حديثًا، اتَّفَق له الشيخان على ثمانية وخمسين حديثًا، وانفرد له البخاريُّ بستَّة وعشرين حديثًا، ومسلمٌ بمائة وستَّة وعشرين حديثًا [2] . تُوفِّي سنةَ (78هـ) [3] .
هو: جابرُ بنُ عبدِ اللهِ بنِ عمرِو بنِ حرامٍ الأنصاريُّ، ثم السَّلِميُّ، أبو عبد الله، شهِد العقبة الثانية وهو صبيٌّ مع أبيه، وكان والده من النُّقباء البدريين، وكان آخِرَ مَن شهِد ليلة العقبة الثانية مَوتًا، وقيل: شهِد بَدرًا وأُحدًا، وشهد صِفِّين مع عليِّ بنِ أبي طالب رضي الله عنه، وهو مُفتي المدينة في زمانه، روى عنه سعيدُ بنُ المسيِّب، وأبو سلمة، وعطاء، رحل جابرُ بنُ عبدِ الله في آخر عمره إلى مكةَ في أحاديثَ سمعها، ثم انصرف إلى المدينة. ومسندُ جابرِ بنِ عبد الله بلغ ألفًا وخَمسمِائة وأربعين حديثًا، اتَّفَق له الشيخان على ثمانية وخمسين حديثًا، وانفرد له البخاريُّ بستَّة وعشرين حديثًا، ومسلمٌ بمائة وستَّة وعشرين حديثًا [2] . تُوفِّي سنةَ (78هـ) [3] .
المعنى الإجماليُّ للحديث:
يقول جَابِرُ بنُ عبدالله - رضي الله عنهما -: «لَعَنَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم»: اللَّعْنُ هو الطرد والإبعاد عن رحمة الله، «آكِلَ الرِّبَا»؛ أي: آخِذه؛ كالمستقرِض، «وَمُؤْكِلَهُ»؛ أي: مُعْطيَه؛ كالْمُقرض، «وَكَاتِبَهُ» الذي يكتب العقد الذي فيه الربا، «وَشَاهِدَيْهِ» اللذينِ يشهدان على العقد. وَقَالَ: «هُمْ سَوَاءٌ»؛ أي: متساوون في اللَّعْن؛ لأنهم متعاونون على ذلك.
يقول جَابِرُ بنُ عبدالله - رضي الله عنهما -: «لَعَنَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم»: اللَّعْنُ هو الطرد والإبعاد عن رحمة الله، «آكِلَ الرِّبَا»؛ أي: آخِذه؛ كالمستقرِض، «وَمُؤْكِلَهُ»؛ أي: مُعْطيَه؛ كالْمُقرض، «وَكَاتِبَهُ» الذي يكتب العقد الذي فيه الربا، «وَشَاهِدَيْهِ» اللذينِ يشهدان على العقد. وَقَالَ: «هُمْ سَوَاءٌ»؛ أي: متساوون في اللَّعْن؛ لأنهم متعاونون على ذلك.
الشرح المفصَّل للحديث:
إن دين الإسلام حَرَص على نشر المعاملات الطيِّبة بين الناس، وتحريم المعاملات الخبيثة، ومن ذلك أنه أحلَّ البيع وحرَّم الربا، وأَمَر المسلم أن لا يأكل إلا طيِّبًا؛ قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: «أيُّها الناسُ، إن اللهَ طيِّبٌ لا يَقبَل إلا طَيِّبًا، وإن اللهَ أمَر المؤمنين بما أمر به المرسَلين، فقال: ﴿يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ﴾ [المؤمنون: 51]، وقال: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ﴾ [البقرة: 172]، ثم ذكَر الرجُلَ يُطِيل السَّفَرَ أَشْعَثَ أَغْبَرَ، يَمُدُّ يَدَيْهِ إلى السماء: يا ربِّ، يا ربِّ، ومطعمُه حرامٌ، ومشرَبُه حرامٌ، ومَلبسُه حرامٌ، وغُذِيَ بالحرام؛ فأنَّى يُستجاب لذلك؟!» [4] .
وحرَّم اللهُ تعالى أكلَ أموال الناس بالباطل؛ قال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ﴾ [النساء: 29]، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «كُلُّ المُسْلِمِ علَى المُسْلِمِ حَرامٌ؛ دَمُهُ، ومالُهُ، وعِرْضُهُ» [5] ، وقَالَ وَهْبُ بْنُ الْوَرْدِ رحمه الله: "لو قمتَ مَقامَ هذه السّارية، لم ينفعْكَ شيء حتّى تَنظُر ما يَدخُل بطنَك حلال أو حرام" [6] . وسُئل أحمدُ بنُ حنبلٍ رحمه الله: بمَ تَلين القلوب؟ ثم أطرَقَ ساعة، ثم رفع رأسه، فقال: بأكل الحلال [7] . وقال وَهْب بن مُنبِّه رحمه الله: "مَن سرَّه أن يَستَجيب الله دعوتَه، فلْيُطِبْ مطعمَه" [8] .
والربا جُرْم عظيم ، وذنب كبير، ومن الموبقات الْمُهلكات، وقد جاء فيه من الوعيد الشديد ما هو معروف مشهور؛ منه: عَنْ سَمُرَةَ بْنِ جُنْدُبٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: «رَأَيْتُ اللَّيْلَةَ رَجُلَيْنِ أَتَيَانِي، فَأَخْرَجَانِي إِلَى أَرْضٍ مُقَدَّسَةٍ، فَانْطَلَقْنَا حَتَّى أَتَيْنَا عَلَى نَهَرٍ مِنْ دَمٍ فِيهِ رَجُلٌ قَائِمٌ وَعَلَى وَسَطِ النَّهَرِ رَجُلٌ بَيْنَ يَدَيْهِ حِجَارَةٌ، فَأَقْبَلَ الرَّجُلُ الَّذِي فِي النَّهَرِ، فَإِذَا أَرَادَ الرَّجُلُ أَنْ يَخْرُجَ، رَمَى الرَّجُلُ بِحَجَرٍ فِي فِيهِ، فَرَدَّهُ حَيْثُ كَانَ، فَجَعَلَ كُلَّمَا جَاءَ لِيَخْرُجَ، رَمَى فِي فِيهِ بِحَجَرٍ، فَيَرْجِعُ كَمَا كَانَ، فَقُلْتُ: مَا هَذَا؟ فَقَالَ: الَّذِي رَأَيْتَهُ فِي النَّهَرِ آكِلُ الرِّبا» [9] .
وفي هذا الحديث بيان إثم الربا وخطورته وعاقبته؛ حيث إن الرِّبا من أشدِّ أنواع الاستغلال في الْمُعامَلاتِ، وفيه قدْرٌ كبير من الضَّررِ، وهو كسبٌ فيه سُحتٌ، وأخْذُ زيادة بالباطل، فكان تحريمه مؤكَّدًا.
يقول جَابِرُ بنُ عبدالله - رضي الله عنهما -: «لَعَنَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم آكِلَ الرِّبَا وَمُؤْكِلَهُ»
"قوله: «آكِلَ الرِّبَا»؛ أي: آخِذه ولو لم يأكل، «ومُوكِلَهُ»؛ أي: مُعْطِيَهِ؛ إنما لُعِنَ الكلُّ لِمُشاركتهم في الإثم" [10] ، "وإنما خصَّ بالأكل؛ لأنه أعظم الانتفاع؛ كما قال تعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْمًا﴾ [النساء: ١٠]" [11] .
"واللَّعْنُ هو الطرد والإبعاد عن رحمة الله، ويكون هذا الملعون مشاركًا لإبليسَ في العقوبة؛ لأن الله قال لإبليس: ﴿وَإِنَّ عَلَيْكَ اللَّعْنَةَ﴾ [الحجر: ٣٥]، كذلك آكل الربا عليه اللعنة، وموكله عليه اللعنة، مطرود مبعَد عن رحمة الله، ثم هذا الذي يأكله، يأكله سُحْتًا، وكل جسد نبت من السُّحت، فالنار أولى به، ثم إن هذا الربا الذي يدخل عليك يَنزِع الله به البركة من مالك، وربما يوالي عليه النَّكَبات حتى يتلف" [12] .
وقد ذكر النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم الربا من الموبقات في الحديث: «اجْتَنِبُوا السَّبْعَ المُوبِقَاتِ» قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَمَا هُنَّ؟ قَالَ: «... وَأَكْلُ الرِّبَا...» الحديث [13] .
«وأكل الربا»: هُوَ فضل مَال بِلَا عوض فِي مُعَاوضَة مَال بِمَال، وهو تعاطيه بالأخذ أو الإعطاء، والأصلُ في معناه الزيادة، يقال: رَبا الشيء إذا زاد، ومن ذلك قول الله - تبارك وتعالى -: ﴿يَمْحَقُ اللَّهُ الرِّبَا وَيُرْبِي الصَّدَقَاتِ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ كُلَّ كَفَّارٍ أَثِيمٍ﴾ [البقرة: 276]، وقال سبحانه: ﴿الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا لَا يَقُومُونَ إِلَّا كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبَا وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا فَمَنْ جَاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَانْتَهَى فَلَهُ مَا سَلَفَ وَأَمْرُهُ إِلَى اللَّهِ وَمَنْ عَادَ فَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ﴾ [البقرة: 275].
و"من تأمَّل أبوابَ الربا، لاح له سرُّ التحريم من جهة الجشع المانع من حُسن المعاشرة، والذريعة إلى ترك القرض، وما في التوسعة من مكارم الأخلاق؛ ولذلك قال تعالى: ﴿فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ﴾ [البقرة: 279] غضبًا على أهله" [14] .
"قَوْله: «وآكل الرِّبَا»؛ أي: ونهى آكل الرِّبا عن أكله، وكذا نهى مُوكله عن إطعامه غيره، ويُقال: الْمُراد من الآكِل آخِذه؛ كالمستقرِض، ومن الموكِل مُعْطيه؛ كالْمُقرض، والنَّهيُ في هذا كلِّه عن الفِعل... وخصَّ الآكِل من بين سائر الانتفاعات؛ لأنه أعظم المقاصد" [15] .
و"آكل الرِّبَا وموكله، إنما اشتركا في الإثم، وإن كان الرابحُ أحدَهما؛ لأنهما في الفِعل شريكان" [16] .
وقد "سوَّى رسول الله صلى الله عليه وسلم بين آكل الربا ومُوكله، إذا كان لا يتوصَّل إلى أكله إلا بمعاونته ومشاركته إيَّاه، فهما شريكان في الإثم كما كانا شريكينِ في الفعل، وإن كان أحدهما مغتبِطًا بفعله لم يستفضله من البيع، والآخر منهما لِما يَلحَقه من النقص، ولله - عزَّ وجلَّ - حدود، فلا تُتجاوز في وقت الوجود من الرِّبح والعَدَم، وعند العُسر واليُسر، والضرورة لا تَلحَقه بوجه في أن يؤكِله الربا؛ لأنه قد يجد السبيل إلى أن يتوصَّل إلى حاجته بوجه من وجوه المعاملة والمبايعة ونحوها" [17] .
"وقد أجمعت الأمَّة على تحريم الرّبا في الجُملة، وإن اختلفوا في التّفاصيل، والأحاديثُ في النّهي عنه وذمِّ فاعله ومن أعانه كثيرة جدًّا، ووردت بلعنه... أي: دعا على المذكورين بالإبعاد عن الرّحمة، وهو دليل على إثم من ذَكَر، وتحريم ما تعاطَوْه، وخصَّ الأكل لأنّه الأغلب في الانتفاع، وغيره مثله، والمراد من مُوكله الّذي أعطى الرّبا؛ لأنّه ما تحصَّل الرّبا إلّا منه، فكان داخلًا في الإثم" [18] .
قوله: «وَكَاتِبَهُ» الذي يكتب العقد الذي فيه الربا، «وَشَاهِدَيْهِ» اللذين يشهدان على العقد، "وإثمُ الكاتب والشّاهدينِ لإعانتهم على المحظور، وذلك إذا قَصَدا وعَرَفا بالرّبا، ووَرَد في روايةٍ لعنُ الشّاهد بالإفراد على إرادة الجِنس" [19] .
و"هذا تصريح بتحريم كتابة المبايعة بين المترابِيَيْنِ والشهادة عليهما، وفيه تحريم الإعانة على الباطل" [20] ؛ لأن مَن أعان على معصية، ناله من إثمها ما يستحقُّ، والكاتب والشاهدان أعانوا على إثبات عَقد الربا، فنالهما ما يستحقَّان من اللعنة. وَقَالَ: «هُمْ سَوَاءٌ»؛ أي: متساوون في اللَّعْن؛ لأنهم متعاونون على ذلك.
وقد "ذكر كاتب الرّبا وشاهده على سبيل الإلحاق؛ لإعانتهما للآكِل على ذلك، وهذا إنّما يقع على من وَاطَأ صاحب الرّبا عليه، فأمَّا من كَتَبه أو شَهِد القصَّة ليَشهَد بها على ما هي عليه؛ ليُعمَل فيها بالحقِّ، فهذا جميلُ القَصد، لا يدخل في الوعيد المذكور؛ وإنّما يَدخُل فيه من أعان صاحب الرّبا بكتابته وشهادته، فيُنزَّل منزلة من قال: (إنّما البيع مثل الرّبا)" [21] . وجميل القصد هو من يشهد الواقعة، أو يكتبها؛ لتوثيقها، والشهادة على أصحابها بها، وهذا مَثَلُه كمَثَل من يرى جريمةَ قتل سرقة تحدث أمامه فيصوِّرها أو يسجِّل أحداثها؛ ليشهد بها عند الحاكم، ويساعد على الوصول إلى الجاني، وإقرار الحقِّ، فمِثل هذا لا علاقة له بأطراف الجريمة ولا بالجاني، ولا يمثِّل طَرَفًا من أطراف العمل المحرَّم، أو العقد المحرَّم، وليس له إعانة على المعصية أو الجريمة بوجه؛ وإنما هو في حقيقة أمره ساعٍ في تغيير المنكَر، وإقامة العدل، بما أَمكَنه.
"وأما الذي أعطى الربا، فإن وجه اللعنة في حقِّه أنه أعان على ذلك، فإذا قال قائل: هل للإنسان من توبة إذا كان يتعاطى الربا ثم منَّ الله عليه واهتدى، نقول: نعم، له توبة، ومَن الذي يَحُول بينه وبين توبة الله؟! ولكن لا بدَّ من صدق التوبة وإخلاصها، والنَّدَم على الذنب، والعزم على ألَّا يَعُود، ثم إن كان صاحب الربا الذي أُخِذ منه قد استفاد، فإن الربا يؤخذ من الْمُرابي ويُتصدَّق به أو يوضَع في بيت المال، وإن كان لم يستفِد، فإنه يُعطي المطلوب؛ لأنه إذا استفاد لا يمكِن أن نجمع له بين الحقِّ من الربا، وبين انتفاعه. نقول: أنت حظُّك الانتفاع؛ ولكن إذا كان لم ينتفع، فإنه يُعطي ما أخذ من الربا، والنبيُّ صلى الله عليه وسلم لعن شاهدَيِ الربا وكاتبَه مع أن الشاهدين والكاتب ليس لهما منفعة؛ لكن أعانوا على تثبيت الربا؛ الشاهدان والكاتب يَثبُت بهما الربا؛ لأن الشاهدين يُثبتان الحقَّ، والكاتب يوثِّقه؛ ولهذا يكون هؤلاء الثلاثة - الشاهدان والكاتب - قد أعانوا على الإثم والعدوان، فنالهم من ذلك نصيب، فهؤلاء الخمسة كلُّهم ملعونون على لسان محمد صلى الله عليه وسلم: آكل الربا، وموكله، والشاهدين، والكاتب، خمسة، وفي هذا الحديث دليل أن الْمُعين على الإثم مشارك للفاعل" [22] .
و"يجوز للإنسان أن يتعامل مع شخص يتعامل بالربا؛ لكن معاملته إيَّاه بطريق سليم؛ فمثلًا يجوز أن يشترَي من هذا الرجل الْمُرَابي سلعة بثمن، ويجوز أن يستقرض منه ولا حَرَج؛ فإن النبيَّ صلى الله عليه وسلم كان يُعامل اليهود، مع أنهم أكَّالون للسُّحت، فقد قَبِل هَديَّتهم، وقد قَبِل دعوتهم، وقد باع واشترى منهم صلى الله عليه وسلم... والخلاصة: أن من كان يكتسب الحرام، وتعاملتَ معه معاملةً مباحة، لا حرج عليك فيها" [23] .
إن دين الإسلام حَرَص على نشر المعاملات الطيِّبة بين الناس، وتحريم المعاملات الخبيثة، ومن ذلك أنه أحلَّ البيع وحرَّم الربا، وأَمَر المسلم أن لا يأكل إلا طيِّبًا؛ قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: «أيُّها الناسُ، إن اللهَ طيِّبٌ لا يَقبَل إلا طَيِّبًا، وإن اللهَ أمَر المؤمنين بما أمر به المرسَلين، فقال: ﴿يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ﴾ [المؤمنون: 51]، وقال: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ﴾ [البقرة: 172]، ثم ذكَر الرجُلَ يُطِيل السَّفَرَ أَشْعَثَ أَغْبَرَ، يَمُدُّ يَدَيْهِ إلى السماء: يا ربِّ، يا ربِّ، ومطعمُه حرامٌ، ومشرَبُه حرامٌ، ومَلبسُه حرامٌ، وغُذِيَ بالحرام؛ فأنَّى يُستجاب لذلك؟!» [4] .
وحرَّم اللهُ تعالى أكلَ أموال الناس بالباطل؛ قال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ﴾ [النساء: 29]، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «كُلُّ المُسْلِمِ علَى المُسْلِمِ حَرامٌ؛ دَمُهُ، ومالُهُ، وعِرْضُهُ» [5] ، وقَالَ وَهْبُ بْنُ الْوَرْدِ رحمه الله: "لو قمتَ مَقامَ هذه السّارية، لم ينفعْكَ شيء حتّى تَنظُر ما يَدخُل بطنَك حلال أو حرام" [6] . وسُئل أحمدُ بنُ حنبلٍ رحمه الله: بمَ تَلين القلوب؟ ثم أطرَقَ ساعة، ثم رفع رأسه، فقال: بأكل الحلال [7] . وقال وَهْب بن مُنبِّه رحمه الله: "مَن سرَّه أن يَستَجيب الله دعوتَه، فلْيُطِبْ مطعمَه" [8] .
والربا جُرْم عظيم ، وذنب كبير، ومن الموبقات الْمُهلكات، وقد جاء فيه من الوعيد الشديد ما هو معروف مشهور؛ منه: عَنْ سَمُرَةَ بْنِ جُنْدُبٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: «رَأَيْتُ اللَّيْلَةَ رَجُلَيْنِ أَتَيَانِي، فَأَخْرَجَانِي إِلَى أَرْضٍ مُقَدَّسَةٍ، فَانْطَلَقْنَا حَتَّى أَتَيْنَا عَلَى نَهَرٍ مِنْ دَمٍ فِيهِ رَجُلٌ قَائِمٌ وَعَلَى وَسَطِ النَّهَرِ رَجُلٌ بَيْنَ يَدَيْهِ حِجَارَةٌ، فَأَقْبَلَ الرَّجُلُ الَّذِي فِي النَّهَرِ، فَإِذَا أَرَادَ الرَّجُلُ أَنْ يَخْرُجَ، رَمَى الرَّجُلُ بِحَجَرٍ فِي فِيهِ، فَرَدَّهُ حَيْثُ كَانَ، فَجَعَلَ كُلَّمَا جَاءَ لِيَخْرُجَ، رَمَى فِي فِيهِ بِحَجَرٍ، فَيَرْجِعُ كَمَا كَانَ، فَقُلْتُ: مَا هَذَا؟ فَقَالَ: الَّذِي رَأَيْتَهُ فِي النَّهَرِ آكِلُ الرِّبا» [9] .
وفي هذا الحديث بيان إثم الربا وخطورته وعاقبته؛ حيث إن الرِّبا من أشدِّ أنواع الاستغلال في الْمُعامَلاتِ، وفيه قدْرٌ كبير من الضَّررِ، وهو كسبٌ فيه سُحتٌ، وأخْذُ زيادة بالباطل، فكان تحريمه مؤكَّدًا.
يقول جَابِرُ بنُ عبدالله - رضي الله عنهما -: «لَعَنَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم آكِلَ الرِّبَا وَمُؤْكِلَهُ»
"قوله: «آكِلَ الرِّبَا»؛ أي: آخِذه ولو لم يأكل، «ومُوكِلَهُ»؛ أي: مُعْطِيَهِ؛ إنما لُعِنَ الكلُّ لِمُشاركتهم في الإثم" [10] ، "وإنما خصَّ بالأكل؛ لأنه أعظم الانتفاع؛ كما قال تعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْمًا﴾ [النساء: ١٠]" [11] .
"واللَّعْنُ هو الطرد والإبعاد عن رحمة الله، ويكون هذا الملعون مشاركًا لإبليسَ في العقوبة؛ لأن الله قال لإبليس: ﴿وَإِنَّ عَلَيْكَ اللَّعْنَةَ﴾ [الحجر: ٣٥]، كذلك آكل الربا عليه اللعنة، وموكله عليه اللعنة، مطرود مبعَد عن رحمة الله، ثم هذا الذي يأكله، يأكله سُحْتًا، وكل جسد نبت من السُّحت، فالنار أولى به، ثم إن هذا الربا الذي يدخل عليك يَنزِع الله به البركة من مالك، وربما يوالي عليه النَّكَبات حتى يتلف" [12] .
وقد ذكر النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم الربا من الموبقات في الحديث: «اجْتَنِبُوا السَّبْعَ المُوبِقَاتِ» قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَمَا هُنَّ؟ قَالَ: «... وَأَكْلُ الرِّبَا...» الحديث [13] .
«وأكل الربا»: هُوَ فضل مَال بِلَا عوض فِي مُعَاوضَة مَال بِمَال، وهو تعاطيه بالأخذ أو الإعطاء، والأصلُ في معناه الزيادة، يقال: رَبا الشيء إذا زاد، ومن ذلك قول الله - تبارك وتعالى -: ﴿يَمْحَقُ اللَّهُ الرِّبَا وَيُرْبِي الصَّدَقَاتِ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ كُلَّ كَفَّارٍ أَثِيمٍ﴾ [البقرة: 276]، وقال سبحانه: ﴿الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا لَا يَقُومُونَ إِلَّا كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبَا وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا فَمَنْ جَاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَانْتَهَى فَلَهُ مَا سَلَفَ وَأَمْرُهُ إِلَى اللَّهِ وَمَنْ عَادَ فَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ﴾ [البقرة: 275].
و"من تأمَّل أبوابَ الربا، لاح له سرُّ التحريم من جهة الجشع المانع من حُسن المعاشرة، والذريعة إلى ترك القرض، وما في التوسعة من مكارم الأخلاق؛ ولذلك قال تعالى: ﴿فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ﴾ [البقرة: 279] غضبًا على أهله" [14] .
"قَوْله: «وآكل الرِّبَا»؛ أي: ونهى آكل الرِّبا عن أكله، وكذا نهى مُوكله عن إطعامه غيره، ويُقال: الْمُراد من الآكِل آخِذه؛ كالمستقرِض، ومن الموكِل مُعْطيه؛ كالْمُقرض، والنَّهيُ في هذا كلِّه عن الفِعل... وخصَّ الآكِل من بين سائر الانتفاعات؛ لأنه أعظم المقاصد" [15] .
و"آكل الرِّبَا وموكله، إنما اشتركا في الإثم، وإن كان الرابحُ أحدَهما؛ لأنهما في الفِعل شريكان" [16] .
وقد "سوَّى رسول الله صلى الله عليه وسلم بين آكل الربا ومُوكله، إذا كان لا يتوصَّل إلى أكله إلا بمعاونته ومشاركته إيَّاه، فهما شريكان في الإثم كما كانا شريكينِ في الفعل، وإن كان أحدهما مغتبِطًا بفعله لم يستفضله من البيع، والآخر منهما لِما يَلحَقه من النقص، ولله - عزَّ وجلَّ - حدود، فلا تُتجاوز في وقت الوجود من الرِّبح والعَدَم، وعند العُسر واليُسر، والضرورة لا تَلحَقه بوجه في أن يؤكِله الربا؛ لأنه قد يجد السبيل إلى أن يتوصَّل إلى حاجته بوجه من وجوه المعاملة والمبايعة ونحوها" [17] .
"وقد أجمعت الأمَّة على تحريم الرّبا في الجُملة، وإن اختلفوا في التّفاصيل، والأحاديثُ في النّهي عنه وذمِّ فاعله ومن أعانه كثيرة جدًّا، ووردت بلعنه... أي: دعا على المذكورين بالإبعاد عن الرّحمة، وهو دليل على إثم من ذَكَر، وتحريم ما تعاطَوْه، وخصَّ الأكل لأنّه الأغلب في الانتفاع، وغيره مثله، والمراد من مُوكله الّذي أعطى الرّبا؛ لأنّه ما تحصَّل الرّبا إلّا منه، فكان داخلًا في الإثم" [18] .
قوله: «وَكَاتِبَهُ» الذي يكتب العقد الذي فيه الربا، «وَشَاهِدَيْهِ» اللذين يشهدان على العقد، "وإثمُ الكاتب والشّاهدينِ لإعانتهم على المحظور، وذلك إذا قَصَدا وعَرَفا بالرّبا، ووَرَد في روايةٍ لعنُ الشّاهد بالإفراد على إرادة الجِنس" [19] .
و"هذا تصريح بتحريم كتابة المبايعة بين المترابِيَيْنِ والشهادة عليهما، وفيه تحريم الإعانة على الباطل" [20] ؛ لأن مَن أعان على معصية، ناله من إثمها ما يستحقُّ، والكاتب والشاهدان أعانوا على إثبات عَقد الربا، فنالهما ما يستحقَّان من اللعنة. وَقَالَ: «هُمْ سَوَاءٌ»؛ أي: متساوون في اللَّعْن؛ لأنهم متعاونون على ذلك.
وقد "ذكر كاتب الرّبا وشاهده على سبيل الإلحاق؛ لإعانتهما للآكِل على ذلك، وهذا إنّما يقع على من وَاطَأ صاحب الرّبا عليه، فأمَّا من كَتَبه أو شَهِد القصَّة ليَشهَد بها على ما هي عليه؛ ليُعمَل فيها بالحقِّ، فهذا جميلُ القَصد، لا يدخل في الوعيد المذكور؛ وإنّما يَدخُل فيه من أعان صاحب الرّبا بكتابته وشهادته، فيُنزَّل منزلة من قال: (إنّما البيع مثل الرّبا)" [21] . وجميل القصد هو من يشهد الواقعة، أو يكتبها؛ لتوثيقها، والشهادة على أصحابها بها، وهذا مَثَلُه كمَثَل من يرى جريمةَ قتل سرقة تحدث أمامه فيصوِّرها أو يسجِّل أحداثها؛ ليشهد بها عند الحاكم، ويساعد على الوصول إلى الجاني، وإقرار الحقِّ، فمِثل هذا لا علاقة له بأطراف الجريمة ولا بالجاني، ولا يمثِّل طَرَفًا من أطراف العمل المحرَّم، أو العقد المحرَّم، وليس له إعانة على المعصية أو الجريمة بوجه؛ وإنما هو في حقيقة أمره ساعٍ في تغيير المنكَر، وإقامة العدل، بما أَمكَنه.
"وأما الذي أعطى الربا، فإن وجه اللعنة في حقِّه أنه أعان على ذلك، فإذا قال قائل: هل للإنسان من توبة إذا كان يتعاطى الربا ثم منَّ الله عليه واهتدى، نقول: نعم، له توبة، ومَن الذي يَحُول بينه وبين توبة الله؟! ولكن لا بدَّ من صدق التوبة وإخلاصها، والنَّدَم على الذنب، والعزم على ألَّا يَعُود، ثم إن كان صاحب الربا الذي أُخِذ منه قد استفاد، فإن الربا يؤخذ من الْمُرابي ويُتصدَّق به أو يوضَع في بيت المال، وإن كان لم يستفِد، فإنه يُعطي المطلوب؛ لأنه إذا استفاد لا يمكِن أن نجمع له بين الحقِّ من الربا، وبين انتفاعه. نقول: أنت حظُّك الانتفاع؛ ولكن إذا كان لم ينتفع، فإنه يُعطي ما أخذ من الربا، والنبيُّ صلى الله عليه وسلم لعن شاهدَيِ الربا وكاتبَه مع أن الشاهدين والكاتب ليس لهما منفعة؛ لكن أعانوا على تثبيت الربا؛ الشاهدان والكاتب يَثبُت بهما الربا؛ لأن الشاهدين يُثبتان الحقَّ، والكاتب يوثِّقه؛ ولهذا يكون هؤلاء الثلاثة - الشاهدان والكاتب - قد أعانوا على الإثم والعدوان، فنالهم من ذلك نصيب، فهؤلاء الخمسة كلُّهم ملعونون على لسان محمد صلى الله عليه وسلم: آكل الربا، وموكله، والشاهدين، والكاتب، خمسة، وفي هذا الحديث دليل أن الْمُعين على الإثم مشارك للفاعل" [22] .
و"يجوز للإنسان أن يتعامل مع شخص يتعامل بالربا؛ لكن معاملته إيَّاه بطريق سليم؛ فمثلًا يجوز أن يشترَي من هذا الرجل الْمُرَابي سلعة بثمن، ويجوز أن يستقرض منه ولا حَرَج؛ فإن النبيَّ صلى الله عليه وسلم كان يُعامل اليهود، مع أنهم أكَّالون للسُّحت، فقد قَبِل هَديَّتهم، وقد قَبِل دعوتهم، وقد باع واشترى منهم صلى الله عليه وسلم... والخلاصة: أن من كان يكتسب الحرام، وتعاملتَ معه معاملةً مباحة، لا حرج عليك فيها" [23] .
الفوائد العلمية:
1. في الحديث دليل على حرص دين الإسلام على نشر المعاملات الطيِّبة بين الناس، وتحريم المعاملات الخبيثة، ومن ذلك أنه أحلَّ البيع وحرَّم الربا.
2. نهى اللهُ تعالى في كتابه الكريم عن أكل أموال الناس بالباطل؛ قال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ﴾ [النساء: 29].
3. أكل الربا مِن أكبر الكبائر، وهو مِن السَّبْع الموبقات التي أمر النبيُّ صلى الله عليه وسلم باجتنابها، وقد توعَّد الله تعالى آكله بالمحاربة؛ قال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ * فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُءُوسُ أَمْوَالِكُمْ لَا تَظْلِمُونَ وَلَا تُظْلَمُونَ﴾ [البقرة: ٢٧٨ – ٢٧٩].
4. اللَّعْنُ هو الطرد والإبعاد عن رحمة الله، والملعون مشارك لإبليسَ في العقوبة؛ لأن الله قال لإبليس: ﴿وَإِنَّ عَلَيْكَ اللَّعْنَةَ﴾ [الحجر: ٣٥] [24] .
1. في الحديث دليل على حرص دين الإسلام على نشر المعاملات الطيِّبة بين الناس، وتحريم المعاملات الخبيثة، ومن ذلك أنه أحلَّ البيع وحرَّم الربا.
2. نهى اللهُ تعالى في كتابه الكريم عن أكل أموال الناس بالباطل؛ قال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ﴾ [النساء: 29].
3. أكل الربا مِن أكبر الكبائر، وهو مِن السَّبْع الموبقات التي أمر النبيُّ صلى الله عليه وسلم باجتنابها، وقد توعَّد الله تعالى آكله بالمحاربة؛ قال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ * فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُءُوسُ أَمْوَالِكُمْ لَا تَظْلِمُونَ وَلَا تُظْلَمُونَ﴾ [البقرة: ٢٧٨ – ٢٧٩].
4. اللَّعْنُ هو الطرد والإبعاد عن رحمة الله، والملعون مشارك لإبليسَ في العقوبة؛ لأن الله قال لإبليس: ﴿وَإِنَّ عَلَيْكَ اللَّعْنَةَ﴾ [الحجر: ٣٥] [24] .
الفوائد الفقهية:
1. الرِّبَا - كما عرِّف في الفقه -: هو فضل مال بلا عِوَض في مُعاوضَة مال بمال.
2. أكل الربا: هو تعاطيه بالأخذ أو الإعطاء.
3. أجمعت الأمَّة على تحريم الرّبا في الجُملة، مع اختلافهم في التّفاصيل [25] .
4. الْمُراد بآكِل الربا هو من يأخذه كمن يقترض بالربا، أما مُؤكِل الربا فهو المعطي؛ كمن يُقرض بالربا.
5. في الحديث خصَّ الأكل لأنّه الأغلب في الانتفاع، وغير الأكل مثل الأكل في الإثم [26] .
6. إثمُ الكاتب والشّاهدينِ لإعانتهم على المحظور، وذلك إذا قَصَدا وعَرَفا بالرّبا [27] .
7. في الحديث تصريح بتحريم كتابة المبايعة بين المترابِيَيْنِ والشهادة عليهما، وفيه تحريم الإعانة على الباطل [28]
8. سرُّ تحريم الربا هو الجشع المانع من حُسن المعاشرة، والذريعة إلى ترك القرض، وما في التوسعة من مكارم الأخلاق؛ ولذلك قال تعالى: ﴿فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ﴾ [البقرة: 279] غضبًا على أهله [29] .
9. خصَّ النبيُّ صلى الله عليه وسلم الأكل من بين سائر الانتفاعات؛ لأنه أعظم المقاصد [30] .
10. يشترك آكل الرِّبَا وموكله في الإثم، مع أن أحدهما رابح والآخر خاسر؛ لأنهما شريكان في الفِعل [31] .
11. إذا أراد أن يتوب متعاطي الربا منه، فعليه بصدق التوبة وإخلاصها، والنَّدَم على هذا الذنب العظيم، والعزم على ألَّا يَعُود، ويؤخذ الربا من الْمُرابي ويُتصدَّق به أو يوضَع في بيت المال.
12. من كان يكتسب الحرام، وتعاملتَ معه معاملةً مباحة، فلا حرج عليك فيها [32] ، فيجوز للإنسان أن يتعامل مع شخص يتعامل بالربا؛ لكن معاملته إيَّاه شرعية؛ مثل: شراء سلعة بثمن من الْمُرَابي، ويجوز أن يستقرض منه ولا حَرَج؛ فإن النبيَّ صلى الله عليه وسلم كان يُعامل اليهود، مع أنهم أكَّالون للسُّحت، فقد قَبِل هَديَّتهم، وقد قَبِل دعوتهم، وقد باع واشترى منهم صلى الله عليه وسلم [33] .
1. الرِّبَا - كما عرِّف في الفقه -: هو فضل مال بلا عِوَض في مُعاوضَة مال بمال.
2. أكل الربا: هو تعاطيه بالأخذ أو الإعطاء.
3. أجمعت الأمَّة على تحريم الرّبا في الجُملة، مع اختلافهم في التّفاصيل [25] .
4. الْمُراد بآكِل الربا هو من يأخذه كمن يقترض بالربا، أما مُؤكِل الربا فهو المعطي؛ كمن يُقرض بالربا.
5. في الحديث خصَّ الأكل لأنّه الأغلب في الانتفاع، وغير الأكل مثل الأكل في الإثم [26] .
6. إثمُ الكاتب والشّاهدينِ لإعانتهم على المحظور، وذلك إذا قَصَدا وعَرَفا بالرّبا [27] .
7. في الحديث تصريح بتحريم كتابة المبايعة بين المترابِيَيْنِ والشهادة عليهما، وفيه تحريم الإعانة على الباطل [28]
8. سرُّ تحريم الربا هو الجشع المانع من حُسن المعاشرة، والذريعة إلى ترك القرض، وما في التوسعة من مكارم الأخلاق؛ ولذلك قال تعالى: ﴿فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ﴾ [البقرة: 279] غضبًا على أهله [29] .
9. خصَّ النبيُّ صلى الله عليه وسلم الأكل من بين سائر الانتفاعات؛ لأنه أعظم المقاصد [30] .
10. يشترك آكل الرِّبَا وموكله في الإثم، مع أن أحدهما رابح والآخر خاسر؛ لأنهما شريكان في الفِعل [31] .
11. إذا أراد أن يتوب متعاطي الربا منه، فعليه بصدق التوبة وإخلاصها، والنَّدَم على هذا الذنب العظيم، والعزم على ألَّا يَعُود، ويؤخذ الربا من الْمُرابي ويُتصدَّق به أو يوضَع في بيت المال.
12. من كان يكتسب الحرام، وتعاملتَ معه معاملةً مباحة، فلا حرج عليك فيها [32] ، فيجوز للإنسان أن يتعامل مع شخص يتعامل بالربا؛ لكن معاملته إيَّاه شرعية؛ مثل: شراء سلعة بثمن من الْمُرَابي، ويجوز أن يستقرض منه ولا حَرَج؛ فإن النبيَّ صلى الله عليه وسلم كان يُعامل اليهود، مع أنهم أكَّالون للسُّحت، فقد قَبِل هَديَّتهم، وقد قَبِل دعوتهم، وقد باع واشترى منهم صلى الله عليه وسلم [33] .
الفوائد الحديثية:
1. مسند جابر بن عبد الله بلغ ألفًا وخمسمِائة وأربعين حديثًا، اتَّفَق له الشيخانِ على ثمانية وخمسين حديثًا، وانفرد له البخاريُّ بستة وعشرين حديثًا، ومسلمٌ بمائة وستة وعشرين حديثًا [34]
1. مسند جابر بن عبد الله بلغ ألفًا وخمسمِائة وأربعين حديثًا، اتَّفَق له الشيخانِ على ثمانية وخمسين حديثًا، وانفرد له البخاريُّ بستة وعشرين حديثًا، ومسلمٌ بمائة وستة وعشرين حديثًا [34]
من هدايات الحديث:
1. إياك والربا؛ فإن الله يَنزِع به البركة من مالك، وربما يوالي عليه النَّكَبات حتى يتلف.
2. قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: «أيُّها الناسُ، إن اللهَ طيِّبٌ لا يَقبَل إلا طَيِّبًا، وإن اللهَ أمَر المؤمنين بما أمر به المرسَلين، فقال: ﴿يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ﴾ [المؤمنون: 51]، وقال: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ﴾ [البقرة: 172]، ثم ذكَر الرجُلَ يُطِيل السَّفَرَ أَشْعَثَ أَغْبَرَ، يَمُدُّ يَدَيْهِ إلى السماء: يا ربِّ، يا ربِّ، ومطعمُه حرامٌ، ومشرَبُه حرامٌ، ومَلبسُه حرامٌ، وغُذِيَ بالحرام؛ فأنَّى يُستجاب لذلك؟!» [36] .
3. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «كُلُّ المُسْلِمِ علَى المُسْلِمِ حَرامٌ؛ دَمُهُ، ومالُهُ، وعِرْضُهُ» [37] .
4. قَالَ وَهْبُ بْنُ الْوَرْدِ رحمه الله: "لو قمتَ مَقامَ هذه السّارية، لم ينفعْكَ شيء حتّى تَنظُر ما يَدخُل بطنَك حلال أو حرام" [38] .
5. سُئل أحمدُ بنُ حنبلٍ رحمه الله: بمَ تَلين القلوب؟ ثم أطرَقَ ساعة، ثم رفع رأسه، فقال: بأكل الحلال [39] .
6. قال وَهْب بن مُنبِّه رحمه الله: "مَن سرَّه أن يَستَجيب الله دعوتَه، فلْيُطِبْ مطعمَه" [40] .
7. عَنْ سَمُرَةَ بْنِ جُنْدُبٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: «رَأَيْتُ اللَّيْلَةَ رَجُلَيْنِ أَتَيَانِي، فَأَخْرَجَانِي إِلَى أَرْضٍ مُقَدَّسَةٍ، فَانْطَلَقْنَا حَتَّى أَتَيْنَا عَلَى نَهَرٍ مِنْ دَمٍ فِيهِ رَجُلٌ قَائِمٌ وَعَلَى وَسَطِ النَّهَرِ رَجُلٌ بَيْنَ يَدَيْهِ حِجَارَةٌ، فَأَقْبَلَ الرَّجُلُ الَّذِي فِي النَّهَرِ، فَإِذَا أَرَادَ الرَّجُلُ أَنْ يَخْرُجَ، رَمَى الرَّجُلُ بِحَجَرٍ فِي فِيهِ، فَرَدَّهُ حَيْثُ كَانَ، فَجَعَلَ كُلَّمَا جَاءَ لِيَخْرُجَ، رَمَى فِي فِيهِ بِحَجَرٍ، فَيَرْجِعُ كَمَا كَانَ، فَقُلْتُ: مَا هَذَا؟ فَقَالَ: الَّذِي رَأَيْتَهُ فِي النَّهَرِ آكِلُ الرِّبا» [41] .
8. عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، قَالَ: «اجْتَنِبُوا السَّبْعَ المُوبِقَاتِ» قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَمَا هُنَّ؟ قَالَ: «الشِّرْكُ بِاللَّهِ، وَالسِّحْرُ، وَقَتْلُ النَّفْسِ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالحَقِّ، وَأَكْلُ الرِّبَا، وَأَكْلُ مَالِ اليَتِيمِ، وَالتَّوَلِّي يَوْمَ الزَّحْفِ، وَقَذْفُ المُحْصَنَاتِ المُؤْمِنَاتِ الغَافِلاَتِ» [42] .
9. رَأَيْتُ حَلالَ الْمَالِ خَيْرَ مَغَبَّةٍ = وَأجْدَرَ أَنْ يَبْقَى عَلَى الْحَدَثَانِ
وَإِيَّاكَ وَالْمَالَ الْحَرَامَ فَإِنَّهُ = وَبَالٌ إِذَا مَا قُدِّمَ الْكَفَنَانِ
10. لا ترغبنْ في كثير المال تَكنِزُه = من الحرام فلا يُنْمَى وإن كَثُرا
واطلبْ حلالًا وإن قلَّت فواضلُه = إن الحلال زكيٌّ حيثما ذُكِرا
11. وَفِي النَّاسِ مَن ظُلمُ الوَرَى عَادةٌ لهُ = وَيَنْشُرُ أَعَذارًا بها يَتَأوَّلُ
جَرِيءٌ على أَكْلِ الحرامِ ويدَّعِي = بأنَّ له في حِلِّ ذلك مَحْمَلُ
فَيَا آكِلَ الْمَالِ الحرامِ أَبِنْ لَنَا = بأيِّ كتابٍ حِلُّ مَا أَنْتَ تَأكُلُ؟
ألمْ تَدْرِ أَنَّ اللهَ يَدْرِي بما جَرَى = وبينَ البَرايَا في القِيامةِ يَفْصِلُ
1. إياك والربا؛ فإن الله يَنزِع به البركة من مالك، وربما يوالي عليه النَّكَبات حتى يتلف.
2. قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: «أيُّها الناسُ، إن اللهَ طيِّبٌ لا يَقبَل إلا طَيِّبًا، وإن اللهَ أمَر المؤمنين بما أمر به المرسَلين، فقال: ﴿يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ﴾ [المؤمنون: 51]، وقال: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ﴾ [البقرة: 172]، ثم ذكَر الرجُلَ يُطِيل السَّفَرَ أَشْعَثَ أَغْبَرَ، يَمُدُّ يَدَيْهِ إلى السماء: يا ربِّ، يا ربِّ، ومطعمُه حرامٌ، ومشرَبُه حرامٌ، ومَلبسُه حرامٌ، وغُذِيَ بالحرام؛ فأنَّى يُستجاب لذلك؟!» [36] .
3. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «كُلُّ المُسْلِمِ علَى المُسْلِمِ حَرامٌ؛ دَمُهُ، ومالُهُ، وعِرْضُهُ» [37] .
4. قَالَ وَهْبُ بْنُ الْوَرْدِ رحمه الله: "لو قمتَ مَقامَ هذه السّارية، لم ينفعْكَ شيء حتّى تَنظُر ما يَدخُل بطنَك حلال أو حرام" [38] .
5. سُئل أحمدُ بنُ حنبلٍ رحمه الله: بمَ تَلين القلوب؟ ثم أطرَقَ ساعة، ثم رفع رأسه، فقال: بأكل الحلال [39] .
6. قال وَهْب بن مُنبِّه رحمه الله: "مَن سرَّه أن يَستَجيب الله دعوتَه، فلْيُطِبْ مطعمَه" [40] .
7. عَنْ سَمُرَةَ بْنِ جُنْدُبٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: «رَأَيْتُ اللَّيْلَةَ رَجُلَيْنِ أَتَيَانِي، فَأَخْرَجَانِي إِلَى أَرْضٍ مُقَدَّسَةٍ، فَانْطَلَقْنَا حَتَّى أَتَيْنَا عَلَى نَهَرٍ مِنْ دَمٍ فِيهِ رَجُلٌ قَائِمٌ وَعَلَى وَسَطِ النَّهَرِ رَجُلٌ بَيْنَ يَدَيْهِ حِجَارَةٌ، فَأَقْبَلَ الرَّجُلُ الَّذِي فِي النَّهَرِ، فَإِذَا أَرَادَ الرَّجُلُ أَنْ يَخْرُجَ، رَمَى الرَّجُلُ بِحَجَرٍ فِي فِيهِ، فَرَدَّهُ حَيْثُ كَانَ، فَجَعَلَ كُلَّمَا جَاءَ لِيَخْرُجَ، رَمَى فِي فِيهِ بِحَجَرٍ، فَيَرْجِعُ كَمَا كَانَ، فَقُلْتُ: مَا هَذَا؟ فَقَالَ: الَّذِي رَأَيْتَهُ فِي النَّهَرِ آكِلُ الرِّبا» [41] .
8. عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، قَالَ: «اجْتَنِبُوا السَّبْعَ المُوبِقَاتِ» قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَمَا هُنَّ؟ قَالَ: «الشِّرْكُ بِاللَّهِ، وَالسِّحْرُ، وَقَتْلُ النَّفْسِ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالحَقِّ، وَأَكْلُ الرِّبَا، وَأَكْلُ مَالِ اليَتِيمِ، وَالتَّوَلِّي يَوْمَ الزَّحْفِ، وَقَذْفُ المُحْصَنَاتِ المُؤْمِنَاتِ الغَافِلاَتِ» [42] .
9. رَأَيْتُ حَلالَ الْمَالِ خَيْرَ مَغَبَّةٍ = وَأجْدَرَ أَنْ يَبْقَى عَلَى الْحَدَثَانِ
وَإِيَّاكَ وَالْمَالَ الْحَرَامَ فَإِنَّهُ = وَبَالٌ إِذَا مَا قُدِّمَ الْكَفَنَانِ
10. لا ترغبنْ في كثير المال تَكنِزُه = من الحرام فلا يُنْمَى وإن كَثُرا
واطلبْ حلالًا وإن قلَّت فواضلُه = إن الحلال زكيٌّ حيثما ذُكِرا
11. وَفِي النَّاسِ مَن ظُلمُ الوَرَى عَادةٌ لهُ = وَيَنْشُرُ أَعَذارًا بها يَتَأوَّلُ
جَرِيءٌ على أَكْلِ الحرامِ ويدَّعِي = بأنَّ له في حِلِّ ذلك مَحْمَلُ
فَيَا آكِلَ الْمَالِ الحرامِ أَبِنْ لَنَا = بأيِّ كتابٍ حِلُّ مَا أَنْتَ تَأكُلُ؟
ألمْ تَدْرِ أَنَّ اللهَ يَدْرِي بما جَرَى = وبينَ البَرايَا في القِيامةِ يَفْصِلُ
النقول:
قال ابن عثيمين رحمه الله: "واللَّعْنُ هو الطرد والإبعاد عن رحمة الله، ويكون هذا الملعون مشاركًا لإبليس في العقوبة؛ لأن الله قال لإبليس: ﴿وَإِنَّ عَلَيْكَ اللَّعْنَةَ﴾ [الحجر: ٣٥]، كذلك آكل الربا عليه اللعنة، وموكله عليه اللعنة، مطرود مبعَد عن رحمة الله، ثم هذا الذي يأكله، يأكله سُحْتًا، وكل جسد نبت من السُّحت، فالنار أولى به، ثم إن هذا الربا الذي يدخل عليك ينزع الله به البركة من مالك، وربما يوالي عليه النَّكَبات حتى يتلف" [43] .
قال بدر الدين العينيُّ رحمه الله: "أكل الرِّبَا، وَهُوَ فضل مَال بِلَا عوض فِي مُعَاوضَة مَال بِمَال، كَمَا عرِّف فِي الْفِقْه" [44] .
قال الطِّيبيُّ رحمه الله: "قوله: «آكل الربا»؛ أي: الآخذ؛ وإنما خصَّ بالأكل؛ لأنه أعظم الانتفاع؛ كما قال تعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْمًا﴾ [النساء: ١٠].
سوَّى رسول الله صلى الله عليه وسلم بين آكل الربا ومُوكله، إذا كان لا يتوصَّل إلى أكله إلا بمعاونته ومشاركته إيَّاه، فهما شريكان في الإثم كما كانا شريكينِ في الفعل، وإن كان أحدهما مغتبِطًا بفعله لم يستفضله من البيع، والآخر منهما لِما يَلحَقه من النقص، ولله - عزَّ وجلَّ - حدود، فلا تُتجاوز في وقت الوجود من الرِّبح والعَدَم، وعند العُسر واليُسر، والضرورة لا تَلحَقه بوجه في أن يؤكِله الربا؛ لأنه قد يجد السبيل إلى أن يتوصَّل إلى حاجته بوجه من وجوه المعاملة والمبايعة ونحوها" [45] .
قال ابن عثيمين رحمه الله: "وأما الذي أعطى الربا، فإن وجه اللعنة في حقِّه أنه أعان على ذلك، فإذا قال قائل: هل للإنسان من توبة إذا كان يتعاطى الربا ثم منَّ الله عليه واهتدى، نقول: نعم، له توبة، ومَن الذي يَحُول بينه وبين توبة الله؟! ولكن لا بدَّ من صدق التوبة وإخلاصها، والنَّدَم على الذنب، والعزم على ألَّا يَعُود، ثم إن كان صاحب الربا الذي أُخِذ منه قد استفاد، فإن الربا يؤخذ من الْمُرابي ويُتصدَّق به أو يوضَع في بيت المال، وإن كان لم يستفِد، فإنه يُعطي المطلوب؛ لأنه إذا استفاد لا يمكِن أن نجمع له بين الحقِّ من الربا، وبين انتفاعه. نقول: أنت حظُّك الانتفاع؛ ولكن إذا كان لم ينتفع، فإنه يُعطي ما أخذ من الربا، وذكر الترمذيُّ وغيره في رواية أخرى أن النبيَّ صلى الله عليه وسلم لعن شاهدَيِ الربا وكاتبَه مع أن الشاهدين والكاتب ليس لهما منفعة؛ لكن أعانوا على تثبيت الربا؛ الشاهدان والكاتب يَثبُت بهما الربا؛ لأن الشاهدين يُثبتان الحقَّ، والكاتب يوثِّقه؛ ولهذا يكون هؤلاء الثلاثة - الشاهدان والكاتب - قد أعانوا على الإثم والعدوان، فنالهم من ذلك نصيب، فهؤلاء الخمسة كلُّهم ملعونون على لسان محمد صلى الله عليه وسلم: آكل الربا، وموكله، والشاهدين، والكاتب، خمسة، وفي هذا الحديث دليل أن الْمُعين على الإثم مشارك للفاعل" [46] .
قال بدر الدين العينيُّ رحمه الله: قَوْله: «وآكل الرِّبَا»؛ أي: ونهى آكل الرِّبا عن أكله، وكذا نهى مُوكله عن إطعامه غيره، ويُقال: الْمُراد من الآكِل آخِذه؛ كالمستقرِض، ومن الموكِل مُعْطيه؛ كالْمُقرض، والنَّهيُ في هذا كلِّه عن الفِعل... وخصَّ الآكِل من بين سائر الانتفاعات؛ لأنه أعظم المقاصد" [47] .
قال بدر الدين العينيُّ رحمه الله: "آكل الرِّبَا وموكله، وإنما اشتركا في الإثم، وإن كان الرابحُ أحدَهما؛ لأنهما في الفِعل شريكان" [48] .
قال السنديُّ رحمه الله: "قوله: «آكِلَ الرِّبَا»؛ أي: آخِذه ولو لم يأكل، «ومُوكِلَهُ»؛ أي: مُعْطِيَهِ؛ إنما لُعِنَ الكلُّ لِمُشاركتهم في الإثم" [49] .
قال النوويُّ رحمه الله: "هذا تصريح بتحريم كتابة المبايعة بين المترابِيَيْنِ والشهادة عليهما، وفيه تحريم الإعانة على الباطل" [50] .
قال الصنعانيُّ رحمه الله: "وقد أجمعت الأمَّة على تحريم الرّبا في الجُملة، وإن اختلفوا في التّفاصيل، والأحاديثُ في النّهي عنه وذمِّ فاعله ومن أعانه كثيرة جدًّا، ووردت بلعنه... أي: دعا على المذكورين بالإبعاد عن الرّحمة، وهو دليل على إثم من ذَكَر، وتحريم ما تعاطَوْه، وخصَّ الأكل لأنّه الأغلب في الانتفاع، وغيره مثله، والمراد من مُوكله الّذي أعطى الرّبا؛ لأنّه ما تحصَّل الرّبا إلّا منه، فكان داخلًا في الإثم، وإثمُ الكاتب والشّاهدينِ لإعانتهم على المحظور، وذلك إذا قَصَدا وعَرَفا بالرّبا، ووَرَد في روايةٍ لعنُ الشّاهد بالإفراد على إرادة الجِنس" [51] .
قال ابن حجر رحمه الله: "قال ابن التِّين: ذكر كاتب الرّبا وشاهده على سبيل الإلحاق؛ لإعانتهما للآكِل على ذلك، وهذا إنّما يقع على من وَاطَأ صاحب الرّبا عليه، فأمَّا من كَتَبه أو شَهِد القصَّة ليَشهَد بها على ما هي عليه؛ ليُعمَل فيها بالحقِّ، فهذا جميلُ القَصد، لا يدخل في الوعيد المذكور؛ وإنّما يَدخُل فيه من أعان صاحب الرّبا بكتابته وشهادته، فيُنزَّل منزلة من قال: (إنّما البيع مثل الرّبا)" [52] .
قال ابن عثيمين رحمه الله: "يجوز للإنسان أن يتعامل مع شخص يتعامل بالربا؛ لكن معاملته إيَّاه بطريق سليم؛ فمثلًا يجوز أن يشترَي من هذا الرجل الْمُرَابي سلعة بثمن، ويجوز أن يستقرض منه ولا حَرَج؛ فإن النبيَّ صلى الله عليه وسلم كان يُعامل اليهود، مع أنهم أكَّالون للسُّحت، فقد قَبِل هَديَّتهم، وقد قَبِل دعوتهم، وقد باع واشترى منهم صلى الله عليه وسلم... والخلاصة: أن من كان يكتسب الحرام، وتعاملتَ معه معاملةً مباحة، لا حرج عليك فيها" [53] .
قال السهيليُّ رحمه الله: "من تأمَّل أبواب الربا، لاح له سرُّ التحريم من جهة الجشع المانع من حُسن المعاشرة، والذريعة إلى ترك القرض، وما في التوسعة من مكارم الأخلاق؛ ولذلك قال تعالى: ﴿فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ﴾ [البقرة: 279] غضبًا على أهله" [54] .
قال النوويُّ رحمه الله: "قولُه صلى الله عليه وسلم في الرِّبا: «إنّه موضوعٌ كلُّه»؛ معناه: الزّائد على رأس المال؛ كما قال اللّه تعالى: ﴿وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُءُوسُ أَمْوَالِكُمْ﴾ [البقرة: ٢٧٩]، وهذا الّذي ذكرتُه إيضاحٌ، وإلَّا فالمقصود مفهومٌ من نفس لفظ الحديث؛ لأنّ الرّبا هو الزِّيادة، فإذا وُضِع الرَّبا، فمعناه: وَضْعُ الزّيادة، والمرادُ بالوضع الرَّدُّ والإبطال" [55] .
قال ابن عثيمين رحمه الله: "واللَّعْنُ هو الطرد والإبعاد عن رحمة الله، ويكون هذا الملعون مشاركًا لإبليس في العقوبة؛ لأن الله قال لإبليس: ﴿وَإِنَّ عَلَيْكَ اللَّعْنَةَ﴾ [الحجر: ٣٥]، كذلك آكل الربا عليه اللعنة، وموكله عليه اللعنة، مطرود مبعَد عن رحمة الله، ثم هذا الذي يأكله، يأكله سُحْتًا، وكل جسد نبت من السُّحت، فالنار أولى به، ثم إن هذا الربا الذي يدخل عليك ينزع الله به البركة من مالك، وربما يوالي عليه النَّكَبات حتى يتلف" [43] .
قال بدر الدين العينيُّ رحمه الله: "أكل الرِّبَا، وَهُوَ فضل مَال بِلَا عوض فِي مُعَاوضَة مَال بِمَال، كَمَا عرِّف فِي الْفِقْه" [44] .
قال الطِّيبيُّ رحمه الله: "قوله: «آكل الربا»؛ أي: الآخذ؛ وإنما خصَّ بالأكل؛ لأنه أعظم الانتفاع؛ كما قال تعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْمًا﴾ [النساء: ١٠].
سوَّى رسول الله صلى الله عليه وسلم بين آكل الربا ومُوكله، إذا كان لا يتوصَّل إلى أكله إلا بمعاونته ومشاركته إيَّاه، فهما شريكان في الإثم كما كانا شريكينِ في الفعل، وإن كان أحدهما مغتبِطًا بفعله لم يستفضله من البيع، والآخر منهما لِما يَلحَقه من النقص، ولله - عزَّ وجلَّ - حدود، فلا تُتجاوز في وقت الوجود من الرِّبح والعَدَم، وعند العُسر واليُسر، والضرورة لا تَلحَقه بوجه في أن يؤكِله الربا؛ لأنه قد يجد السبيل إلى أن يتوصَّل إلى حاجته بوجه من وجوه المعاملة والمبايعة ونحوها" [45] .
قال ابن عثيمين رحمه الله: "وأما الذي أعطى الربا، فإن وجه اللعنة في حقِّه أنه أعان على ذلك، فإذا قال قائل: هل للإنسان من توبة إذا كان يتعاطى الربا ثم منَّ الله عليه واهتدى، نقول: نعم، له توبة، ومَن الذي يَحُول بينه وبين توبة الله؟! ولكن لا بدَّ من صدق التوبة وإخلاصها، والنَّدَم على الذنب، والعزم على ألَّا يَعُود، ثم إن كان صاحب الربا الذي أُخِذ منه قد استفاد، فإن الربا يؤخذ من الْمُرابي ويُتصدَّق به أو يوضَع في بيت المال، وإن كان لم يستفِد، فإنه يُعطي المطلوب؛ لأنه إذا استفاد لا يمكِن أن نجمع له بين الحقِّ من الربا، وبين انتفاعه. نقول: أنت حظُّك الانتفاع؛ ولكن إذا كان لم ينتفع، فإنه يُعطي ما أخذ من الربا، وذكر الترمذيُّ وغيره في رواية أخرى أن النبيَّ صلى الله عليه وسلم لعن شاهدَيِ الربا وكاتبَه مع أن الشاهدين والكاتب ليس لهما منفعة؛ لكن أعانوا على تثبيت الربا؛ الشاهدان والكاتب يَثبُت بهما الربا؛ لأن الشاهدين يُثبتان الحقَّ، والكاتب يوثِّقه؛ ولهذا يكون هؤلاء الثلاثة - الشاهدان والكاتب - قد أعانوا على الإثم والعدوان، فنالهم من ذلك نصيب، فهؤلاء الخمسة كلُّهم ملعونون على لسان محمد صلى الله عليه وسلم: آكل الربا، وموكله، والشاهدين، والكاتب، خمسة، وفي هذا الحديث دليل أن الْمُعين على الإثم مشارك للفاعل" [46] .
قال بدر الدين العينيُّ رحمه الله: قَوْله: «وآكل الرِّبَا»؛ أي: ونهى آكل الرِّبا عن أكله، وكذا نهى مُوكله عن إطعامه غيره، ويُقال: الْمُراد من الآكِل آخِذه؛ كالمستقرِض، ومن الموكِل مُعْطيه؛ كالْمُقرض، والنَّهيُ في هذا كلِّه عن الفِعل... وخصَّ الآكِل من بين سائر الانتفاعات؛ لأنه أعظم المقاصد" [47] .
قال بدر الدين العينيُّ رحمه الله: "آكل الرِّبَا وموكله، وإنما اشتركا في الإثم، وإن كان الرابحُ أحدَهما؛ لأنهما في الفِعل شريكان" [48] .
قال السنديُّ رحمه الله: "قوله: «آكِلَ الرِّبَا»؛ أي: آخِذه ولو لم يأكل، «ومُوكِلَهُ»؛ أي: مُعْطِيَهِ؛ إنما لُعِنَ الكلُّ لِمُشاركتهم في الإثم" [49] .
قال النوويُّ رحمه الله: "هذا تصريح بتحريم كتابة المبايعة بين المترابِيَيْنِ والشهادة عليهما، وفيه تحريم الإعانة على الباطل" [50] .
قال الصنعانيُّ رحمه الله: "وقد أجمعت الأمَّة على تحريم الرّبا في الجُملة، وإن اختلفوا في التّفاصيل، والأحاديثُ في النّهي عنه وذمِّ فاعله ومن أعانه كثيرة جدًّا، ووردت بلعنه... أي: دعا على المذكورين بالإبعاد عن الرّحمة، وهو دليل على إثم من ذَكَر، وتحريم ما تعاطَوْه، وخصَّ الأكل لأنّه الأغلب في الانتفاع، وغيره مثله، والمراد من مُوكله الّذي أعطى الرّبا؛ لأنّه ما تحصَّل الرّبا إلّا منه، فكان داخلًا في الإثم، وإثمُ الكاتب والشّاهدينِ لإعانتهم على المحظور، وذلك إذا قَصَدا وعَرَفا بالرّبا، ووَرَد في روايةٍ لعنُ الشّاهد بالإفراد على إرادة الجِنس" [51] .
قال ابن حجر رحمه الله: "قال ابن التِّين: ذكر كاتب الرّبا وشاهده على سبيل الإلحاق؛ لإعانتهما للآكِل على ذلك، وهذا إنّما يقع على من وَاطَأ صاحب الرّبا عليه، فأمَّا من كَتَبه أو شَهِد القصَّة ليَشهَد بها على ما هي عليه؛ ليُعمَل فيها بالحقِّ، فهذا جميلُ القَصد، لا يدخل في الوعيد المذكور؛ وإنّما يَدخُل فيه من أعان صاحب الرّبا بكتابته وشهادته، فيُنزَّل منزلة من قال: (إنّما البيع مثل الرّبا)" [52] .
قال ابن عثيمين رحمه الله: "يجوز للإنسان أن يتعامل مع شخص يتعامل بالربا؛ لكن معاملته إيَّاه بطريق سليم؛ فمثلًا يجوز أن يشترَي من هذا الرجل الْمُرَابي سلعة بثمن، ويجوز أن يستقرض منه ولا حَرَج؛ فإن النبيَّ صلى الله عليه وسلم كان يُعامل اليهود، مع أنهم أكَّالون للسُّحت، فقد قَبِل هَديَّتهم، وقد قَبِل دعوتهم، وقد باع واشترى منهم صلى الله عليه وسلم... والخلاصة: أن من كان يكتسب الحرام، وتعاملتَ معه معاملةً مباحة، لا حرج عليك فيها" [53] .
قال السهيليُّ رحمه الله: "من تأمَّل أبواب الربا، لاح له سرُّ التحريم من جهة الجشع المانع من حُسن المعاشرة، والذريعة إلى ترك القرض، وما في التوسعة من مكارم الأخلاق؛ ولذلك قال تعالى: ﴿فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ﴾ [البقرة: 279] غضبًا على أهله" [54] .
قال النوويُّ رحمه الله: "قولُه صلى الله عليه وسلم في الرِّبا: «إنّه موضوعٌ كلُّه»؛ معناه: الزّائد على رأس المال؛ كما قال اللّه تعالى: ﴿وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُءُوسُ أَمْوَالِكُمْ﴾ [البقرة: ٢٧٩]، وهذا الّذي ذكرتُه إيضاحٌ، وإلَّا فالمقصود مفهومٌ من نفس لفظ الحديث؛ لأنّ الرّبا هو الزِّيادة، فإذا وُضِع الرَّبا، فمعناه: وَضْعُ الزّيادة، والمرادُ بالوضع الرَّدُّ والإبطال" [55] .